وقال مالك بن أنس : لما حجب أعداءه فلم يَرَوْه تجلَّى لأوليائه حتى رأوه.
وقال الشافعي : لما حجب قوما بالسُّخْطِ دل على أن قوماً يَرَوْنه بالرضى.
وقال الزجاج : في هذه الآية دليل على أن الله عز وجل يُرى في القيامة.
ولولا ذلك ما كان في هذه الآية فائدة، ولا خسَّت منزلة الكفار بأنهم يحجبون عن ربهم.
ثم من بعد حجبهم عن الله يدخلون النار، فذلك قوله تعالى ﴿ ثم إنهم لصالوا الجحيم ﴾.
قوله تعالى :﴿ ثم يقال ﴾ أي : يقول لهم خزنة النار :﴿ هذا ﴾ العذاب ﴿ الذي كنتم به تكذبون.
كلا ﴾ أي : لا يؤمن بالعذاب الذي يصلاه.
ثم أعلم أين محل ﴿ كتاب الأبرار ﴾ فقال تعالى :﴿ لفي عليِّين ﴾ وفيها سبعة أقوال.
أحدها : أنها الجنة، رواه عطاء عن ابن عباس.
والثاني : أنه لوح من زبرجدة خضراء معلق تحت العرش فيه أعمالهم مكتوبة، روي عن ابن عباس أيضاً.
والثالث : أنها السماء السابعة، وفيها أرواح المؤمنين، قاله كعب، وهو مذهب مجاهد، وابن زيد.
والرابع : أنها قائمة العرش اليمنى، قاله قتادة.
وقال مقاتل : ساق العرش.
والخامس : أنه سدرة المنتهى، قاله الضحاك.
والسادس : أنه في علو وصعود إلى الله عز وجل، قاله الحسن.
وقال الفراء : في ارتفاع بعد ارتفاع.
والسابع : أنه أعلى الأمكنة، قاله الزجاج.
قوله تعالى :﴿ وما أدراك ما عليُّون ﴾ هذا تعظيم لشأنها.
قوله تعالى :﴿ كتاب مرقوم ﴾ الكلام فيه كالكلام في الآية التي قبلها.
قوله تعالى :﴿ يشهده المقربون ﴾ أي : يحضر المقرَّبون من الملائكة ذلك المكتوب، أو ذلك الكتاب إذا صعد به إلى عليين.
وما بعد هذا قد سبق بيانه [ الانفطار : ١٣ ] إلى قوله تعالى :﴿ ينظرون ﴾ وفيه قولان.
أحدهما : إلى ما أعطاهم الله من الكرامة.
والثاني : إلى أعدائهم حين يعذَّبون.
قوله تعالى :﴿ تعرف في وجوههم نضرة النعيم ﴾ وقرأ أبو جعفر، ويعقوب، "تُعرَف" بضم التاء، وفتح الراء "نضرةُ" بالرفع.