وقال الخازن :
﴿ وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ (١) ﴾
قوله :﴿ ويل ﴾ أي قبح وهي كلمة تذكر عند وقوع البلاء، يقال ويل له وويل عليه، وقيل ويل اسم واد في جهنم ﴿ للمطففين ﴾ يعني الذين ينقصون المكيال والميزان لأنه لا يكاد المطفف يسرق في الكيل والوزن، إلا الشيء اليسير الطّفيف قال ابن عباس : لما قدم رسول الله ( ﷺ ) المدينة كانوا من أخبث النّاس كيلاً.
فأنزل الله :﴿ ويل للمطففين ﴾ فأحسنوا الكيل، وقيل لما قدم رسول الله ( ﷺ ) المدينة، وبها رجل يقال له أبو جهينة، ومعه صاعان يكيل بأحدهما، ويكتال بالآخر، فأنزل الله هذه الآية وجعل الويل للمطففين ثم بين من هم.
فقال تعالى :﴿ الذين إذا اكتالوا على النّاس يستوفون ﴾ يعني أنهم إذا اكتالوا من النّاس، ومن وعلى يتعاقبان، وقيل معناه إذا اكتالوا من النّاس، أي اشتروا شيئاً استوفوا عليهم لأنفسهم الكيل والوزن.
﴿ وإذا كالوهم أو وزنوهم ﴾ يعني وإذا كالوا لهم أو وزنوا لهم للناس كما يقال نصحتك ونصحت لك.
﴿ يخسرون ﴾ أي ينقصون الكيل والوزن وهذا الوعيد يلحق من يأخذ لنفسه زائداً ويدفع إلى غيره ناقصاً، ويتناول الوعيد القليل والكثير لكن إذا لم يتب منه فإن تاب منه ورد الحقوق إلى أهلها قبلت توبته ومن فعل ذلك، وأصر عليه كان مصراً على كبيرة من الكبائر، وذلك لأن عامة الخلق محتاجون إلى المعاملات وهي مبنية على أمر الكيل والوزن والذرع، فلهذا السبب عظم الله أمر الكيل والوزن، قال نافع : كان ابن عمر يمر بالبائع فيقول له اتق الله أوف الكيل والوزن، فإن المطففين يوقفون يوم القيامة حتى يلجمهم العرق، وقال قتادة : أوف يا ابن آدم كما تحب أن يوفى لك، واعدل كما تحب أن يعدل لك، قال الفضيل : بخس الميزان سواد يوم القيامة.


الصفحة التالية
Icon