واحتمال ثالث : وهو يكون المعنى أن الله تعالى يبدله بالمشركين أنصاراً من المسلمين، ويكون مجاز ذلك من قولهم طبقات الناس، وقد يصلح هذا التأويل على قراءة من قرأ بضم الباء، كأنه خطاب للمسلمين بتعريف تنقل الأحوال بهم وتصييرهم إلى الظفر بعدوهم بعد الشدة التي يلقونها منهم، كما قال :﴿لَتُبْلَوُنَّ فِي أموالكم وَأَنفُسِكُمْ﴾ [ آل عمران : ١٨٦ ] الآية وثانيهما : أن يكون ذلك بشارة لمحمد ﷺ بصعوده إلى السماء لمشاهدة ملكوتها، وإجلال الملائكة إياه فيها، والمعنى لتركبن يا محمد السموات طبقاً عن طبق، وقد قال تعالى :﴿سَبْعَ سموات طِبَاقاً﴾ [ الملك : ٣ ] وقد فعل الله ذلك ليلة الإسراء، وهذا الوجه مروي عن ابن عباس وابن مسعود وثالثها : لتركبن يا محمد درجة ورتبة بعد رتبة في القرب من الله تعالى.
القول الثاني : في هذه القراءة، أن هذه الآية في السماء وتغيرها من حال إلى حال، والمعنى لتركبن السماء يوم القيامة حالة بعد حالة، وذلك لأنها أولاً تنشق كما قال :﴿إِذَا السماء انشقت﴾ [ الإنشقاق : ١ ] ثم تنفطر كما قال :﴿إِذَا السماء انفطرت﴾ [ الإنفطار : ١ ] ثم تصير :﴿وَرْدَةً كالدهان﴾ [ الرحمن : ٣٧ ] وتارة :﴿كالمهل﴾ [ المعارج : ٨ ] على ما ذكر الله تعالى هذه الأشياء في آيات من القرآن فكأنه تعالى لما ذكر في أول السورة أنها تنشق أقسم في آخر السورة أنها تنتقل من أحوال إلى أحوال، وهذا الوجه مروي عن ابن مسعود.
المسألة الثالثة :
قوله تعالى :﴿عَن طَبقٍ﴾ أي بعد طبق كقول الشاعر :
ما زلت أقطع منهلا عن منهل.. حتى أنخت بباب عبدالواحد
ووجه هذا أن الإنسان إذا صار من شيء إلى شيء آخر فقد صار إلى الثاني بعد الأول فصلحت بعد وعن معاقبة، وأيضاً فلفظة عن تفيد البعد والمجاوزة فكانت مشابهة للفظة بعد.
أما قوله تعالى :﴿فَمَا لَهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :


الصفحة التالية
Icon