وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير : لما تقدم في الانفطار التعريف بالحفظة وإحصائهم على العباد في كتبهم، وعاد الكلام إلى ذكر ما يكتب على البر والفاجر واستقرار ذلك في قوله تعالى :﴿إن كتاب الأبرار لفي عليّين﴾ [ المطففين : ١٨ ] وقوله :﴿إن كتاب الفجار لفي سجين﴾ [ المطففين : ٧ ] أتبع ذلك بذكر التعريف بأخذ هذه الكتب في القيامة عند العرض، وأن أخذها بالأيمان عنوان السعادة، وأخذها وراء الظهر عنوان الشقاء إذ قد تقدم في السورتين قبل ذكر الكتب واستقرارها بحسب اختلاف مضمناتها فمنها ما هو في عليين ومنها ما هو في سجين إلى يوم العرض، فيؤتى كل كتابه فآخذ بيمينه وهو عنوان سعادته، وآخذ من وراء ظهره وهو عنوان هلاكه، فتحصّل الإخبار بهذه الكتب ابتداء واستقراراً وتفريقاً يوم العرض، وافتتحت السورة بذكر انشقاق السماء ومد الأرض وإلقائها ما فيها وتحليها تعريفاً بهذا اليوم العظيم بما يتذكر به من سبقت سعادته والمناسبة بينة - انتهى.
ولما كان الجواب ما ذكرته، أتبعه شرحه فقال منادياً بأداة صالحة للبعد لأن المنادى أدنى الأسنان بادئاً بالأولياء لأن آخر التطفيف الذي هذا شرح له إدخال السرور عليهم :﴿يا أيها الإنسان﴾ أي الآنس بنفسه الناسي لربه.