وقال الثعالبى :
قوله تعالى :﴿ إِذَا السماء انشقت ﴾ الآية،
هذه أوْصافُ يوم القيامةِ ﴿ وَأَذِنَتْ ﴾ معناه : اسْتَمَعَتْ وسَمِعَتْ أَمْرَ ربِّها ؛ ومنه قوله ﷺ :" ما أذِنَ اللَّهُ لِشَيْءٍ أَذَنَهُ لِنَبِيٍّ يَتَغَنَّى بالقُرآنِ "، و ﴿ حُقَّتْ ﴾ قال ابن عباس : معناه : وحُقَّ لها أنْ تَسْمَع وتطيع، ويحتملُ أن يريدَ : وحُقَّ لها أن تنشقَ لشدةِ الهولِ وخوفِ اللَّه تعالى، ومدُّ الأرْضِ هي إزالةُ جبالِها حتى لا يبقى فيها عوجٌ ولا أمْتٌ، وفي الحديث :" تُمَدُّ مَدَّ الأَدِيمِ "، و ﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا ﴾ يعني : من الموتَى ؛ قاله الجمهورُ. وخَرَّج الختلي أبو القاسمِ إسحاقُ بن إبراهيم في كتاب «الدّيباج» له بسندهِ عن نافعٍ عن ابن عمرَ " عن النبي ﷺ في قوله عز وجل :﴿ إِذَا السماء انشقت * وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ قال : فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ :«أَنَا أَوَّلُ مَنْ تَنْشَقَّ عَنْهُ الأَرْضُ فَأَجْلِسُ جَالِساً في قَبْرِي، فَيُقْتَحُ لِي بَابٌ إلَى السَّمَاءِ بِحِيَالِ رَأْسِي حتى أَنْظُرَ إلَى العَرْشِ، ثُمَّ يُفْتَحُ لي بَابٌ مِنْ تَحْتِي ؛ حتى أَنْظُرَ إلَى الأَرْضِ السَّابِعَةِ ؛ حتى أَنْظُرَ إلى الثرى، ثُمَّ يُفْتَحُ لي بَابٌ عَنْ يَمِينِي حتى أَنْظُرَ إلَى الجَنَّةِ وَمَنَازِلِ أَصْحَابِي، وَإنَّ الأَرْضَ تَحَرَّكَتْ تَحْتِي فَقُلْتُ : مَا لَكِ أَيَّتُهَا الأَرْضُ؟ قَالَتْ : إنَّ رَبِّي أَمَرَنِي أَنْ أُلْقِيَ مَا في جَوْفِي، وأنْ أَتَخَلَّى ؛ فَأَكُونَ كَمَا كُنْتُ ؛ إذْ لاَ شَيْءَ فِيَّ، فَذَلِكَ قَوْلُ اللَّه عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَأَلْقَتْ مَا فِيهَا وَتَخَلَّتْ ﴾، ﴿ وَأَذِنَتْ لِرَبِّهَا وَحُقَّتْ ﴾ أي : سَمِعَتْ وَأَطَاعَتْ، وَحُقَّ لَهَا أَنْ تَسْمَعَ وَتُطِيعَ "، الحديثَ، انتهى من «التذكرة»، و ﴿ تخلّت ﴾ معناه خَلَّتْ عَمَّا كَانَ فيها لَمْ تَتَمَسَّكْ منهم بشيء.


الصفحة التالية
Icon