وثالثها : قاتلوا كل من له قدرة على القتال وأهلية كذلك سوى من جنح للسلم، قال تعالى :﴿وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فاجنح لَهَا﴾ [الأنفال : ٦١] واعلم أن القول الأول أقرب إلى الظاهر لأن ظاهر قوله تعالى :﴿الذين يقاتلونكم﴾ يقتضي كونهم فاعلين للقتال، فأما المستعد للقتال والمتأهل له قبل إقدامه عليه، فإنه لا يوصف بكونه مقاتلاً إلا على سبيل المجاز. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٠٩﴾
قوله تعالى :﴿وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾
قال ابن كثير :
وقوله :﴿وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ أي : قاتلوا في سبيل الله ولا تعتدوا في ذلك ويدخل في ذلك ارتكاب المناهي -كما قاله الحسن البصري -من المَثُلة، والغُلُول، وقتل النساء والصبيان والشيوخ الذين لا رأي لهم ولا قتال فيهم، والرهبان وأصحاب الصوامع، وتحريق الأشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة، كما قال ذلك ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، ومقاتل بن حيان، وغيرهم. ولهذا جاء في صحيح مسلم، عن بُرَيدة أنّ رسول الله ﷺ كان يقول :" اغزوا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تَغُلّوا، ولا تَغْدروا، ولا تُمَثِّلُوا، ولا تقتلوا وليدًا، ولا أصحاب الصوامع". رواه الإمام أحمد.
وعن ابن عباس قال : كان رسول الله ﷺ إذا بَعَث جيوشه قال :" اخرجوا بسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا، ولا تُمَثلوا، ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصّوامع". رواه الإمام أحمد.
ولأبي داود، عن أنس مرفوعًا، نحوه.
وفي الصحيحين عن ابن عمر قال : وجُدت امرأة في بعض مغازي النبيّ ﷺ مقتولة، فأنكر رسولُ الله ﷺ قتلَ النساء والصبيان.


الصفحة التالية
Icon