ولما كانت الآية ناظرة إلى قصاص قال :﴿وأخرجوهم﴾ أي فإن لم يقاتلوكم ﴿من حيث أخرجوكم﴾ أي مكة التي هي موطن الحج والعمرة ومحل الشعائر المقصودة لأهل الإسلام. ولما كان هذا مشعراً بأنهم لم يكن منهم إليهم قتال في مكة لغير الأذى المحوج إلى الخروج من الديار على أن التقدير : فإن الإخراج من السكن أشد فتنة وقد فتنوكم به، فعطف عليه قوله :﴿والفتنة﴾ أي العذاب بالإخراج أو غيره من أنواع الإخافة ﴿أشد﴾ تليينهم للإسلام ﴿من القتل﴾ أعم من أن يكون المراد من قتلكم إياهم في الحرم أو غيره أو قتلهم إياكم أو غير ذلك لما فيه من مواصلة الغم القابض للنفس عن مراداتها، فلذلك سوغنا لكم قتلهم قصاصاً بسبب إخراجكم، فكان المراد بالذات إخراجهم لتمكن الحج والاعتمار ولكنه لما لم يمكن إلا بقتالهم وقتلهم أذن فيهما وقد كشف الواقع في أمر : عكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية وعبد الله بن أبي ربيعة أن الإخراج من مكة لينهم للإسلام أكثر من تليين القتل فإنهم أسلموا لما أشرفوا على فراق مكة بظهور الإسلام فيها ولم يسلم أحد من قريش خوفاً من القتل، فلكون السياق لإخراجهم عبر هنا أشد. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ١ صـ ٣٦٣﴾
قال الفخر :
الثقف وجوده على وجه الأخذ والغلبة ومنه رجل ثقيف سريع الأخذ لأقرانه، قال :
فأما تثقفوني فاقتلوني.. فمن أثقف فليس إلى خلود