﴿ فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم﴾ أي : عن الكفر، ودخلوا في الإسلام، ولذلك علق عليه الغفران والرحمة وهما لا يكونان مع الكفر ﴿قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف﴾ وتقدم ما يدل عليه من اللفظ وهو جزاء الكافرين، وسياق الكلام إنما هو مع الكفار، وقيل : فإن انتهوا عن المقاتلة والشرك، لتقدمهما في الكلام، وهو حسن، وقيل : عن القتال دون الكفر، وليس الغفران لهم على هذا القول، بل المعنى : فإن الله غفور لكم رحيم بكم حيث أسقط عنكم تكليف قتالهم، وقيل : الجواب محذوف، أي : فاغفروا لهم فإن الله غفور رحيم لكم، وعلى قول : إن الانتهاء عن القتال فقط، تكون الآية منسوخة، وعلى القولين قبله تكون محكمة، ومعنى : انتهى : كف، وهو افتعل من النهي، ومعناه فعل الفاعل بنفسه، وهو نحو قولهم : اضطرب، وهو أحد المعاني التي جاءت لها : افتعل.
قالوا : وفي قوله :﴿فإن انتهوا فإن الله غفور رحيم﴾ دلالة على قبول توبة قاتل العمد، إذ كان الكفر أعظم مأثماً من القتل، وقد أخبر تعالى أنه يقبل التوبة من الكفر. أ هـ ﴿البحر المحيط حـ ٢ صـ ٧٥﴾
فائدة
قال بعض العلماء : في هذه الآية دليل على أن الباغي على الإمام بخلاف الكافر ؛ فالكافرْ يُقتل إذا قاتل بكل حال، والباغي إذا قاتل بنية الدفع.
ولا يُتْبَعُ مُدْبِر ولا يُجْهَز على جريح. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ٢ صـ ٣٥٢﴾
كلام نفيس لابن عرفة فى الآية
قيل لابن عرفة : في ظاهر الآية تناف لأن " اقتلوهم حيث ثقفتموهم " يقتضي الأمر باستِئْصالِهِم وعدم إحياًء أحد (منهم) فلا يبق للاخراج محل.
وقوله :" وَأَخْرِجُوهُم " يقتضي إحياء بعضهم حتى يتناوله الإخراج.


الصفحة التالية
Icon