من فوائد العلامة تقى الدين السبكى :
قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ :
فِي كِتَابٍ افْتَتَحَهُ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى ﴿ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ ﴾
فَكَتَبَ فِيهِ مَا نَصُّهُ الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَصَمَنَا مِنْ الْفِتَنِ، وَهَدَانَا إلَى أَرْشَدِ سُنَنٍ، وَصَلَّى اللَّهُ عَلَى سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ الَّذِي بَيَّنَ لَنَا مَا ظَهَرَ وَمَا بَطَنَ، وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الَّذِينَ بَيَّنُوا لَنَا مَعَانِيَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَنِ ؛ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا عَلَى تَوَالِي الزَّمَنِ، وَبَعْدُ فَإِنَّا لا نُحْصِي مَا لِلَّهِ عَلَيْنَا مِنْ نِعْمَةٍ وَمِنَّةٍ، وَمَا حَمَانَا بِهِ عَنْ كُلِّ مِحْنَةٍ ؛ وَجَعَلَ بَيْنَنَا وَبَيْنَهَا وِقَايَةً وَجُنَّةً وَأَرْشَدَنَا إلَى طَرِيقِ السُّنَّةِ ؛ وَجَعَلَ لَنَا عَلَى الْعَدْلِ قُوَّةً وَمِنَّةً، وَأَنَّهُ جَرَى الْكَلامُ فِي تَفْسِيرِ الْفِتْنَةِ فِي قَوْله تَعَالَى ﴿وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ﴾ وَأُطْلِقَتْ فِيهِ الأَعِنَّةُ، وَأَعْرَى بِهِ بَعْضُ ذَوِي الضِّنَةِ، وَتَوَهَّمَ أَنَّ مُجَرَّدَ الإِلْقَاءِ بَيْنَ النَّاسِ لِلْقَتْلِ مَظِنَّةٌ، فَخَشِيتُ مِنْ اسْتِبَاحَةِ دَمِ مُسْلِمٍ بِالضَّغِنَةِ، فَأَرَدْتُ ذِكْرَ تَفْسِيرِ الآيَةِ، وَسَمَّيْته تَأْوِيلَ الْفِطْنَةِ فِي تَفْسِيرِ الْفِتْنَةِ " وَاَللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى سَوَاءِ السَّبِيلِ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ : الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْله تَعَالَى عَزَّ ذِكْرُهُ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ يَعْنِي بِقَوْلِهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَالْفِتْنَةُ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ وَالشِّرْكُ بِاَللَّهِ أَشَدُّ مِنْ الْقَتْلِ. وَقَدْ بَيَّنْت فِيمَا مَضَى أَنَّ أَصْلَ الْفِتْنَةِ الابْتِلاءُ وَالاخْتِبَارُ، فَتَأْوِيلُ الْكَلامِ وَابْتِلاءُ الْمُؤْمِنِ فِي دِينِهِ حَتَّى


الصفحة التالية
Icon