الوجه الثاني : أنّ الانتقام له موضع يحسن فيه، والعفو له موضع كذلك، وإيضاحه أن من المظالم ما يكون في الصبر عليه انتهاك حرمة الله، ألا ترى أنّ من غصبت منه جاريته مثلا إذا كان الغاصب يزني بها فسكوته وعفوه عن هذه المظلمة قبيح وضعف وخور، تنتهك به حرمات الله، فالانتقام في مثل هذه الحالة واجب، وعليه يحمل الأمر﴿فَاعْتَدُوا﴾ الآية، أي كما بدأ الكفار بالقتال فقتالهم واجب، بخلاف من أساء إليه بعض إخوانه من المسلمين بكلام قبيح، ونحو ذلك فعفوه أحسن وأفضل، وقد قال أبو الطيب المتنبي :
إذا قيل حلم قل فللحلم موضع
وحلم الفتى في غير موضعه جهل.
أهـ ﴿دفع إيهام الاضطراب صـ ٣٩ ـ ٤١﴾