الوجه الثالث : أن أهل الجاهلية إذا أحرم أحدهم نقب خلف بيته أو خيمته نقباً منه يدخل ويخرج إلا الحمس، وهم قريش وكنانة وخزاعة وثقيف وخيثم وبنو عامر بن صعصعة وبنو نصر بن معاوية، وهؤلاء سموا حمساً لتشددهم في دينهم، الحماسة الشدة، وهؤلاء متى أحرموا لم يدخلوا بيوتهم ألبتة ولا يستظلون الوبر ولا يأكلون السمن والأقط، ثم أن رسول الله ﷺ كام محرماً ورجل آخر كان محرماً، فدخل رسول الله ﷺ حال كونه محرماً من باب بستان قد خرب فأبصره ذلك الرجل الذي كان محرماً فاتبعه، فقال عليه السلام : تنح عني، قال : ولم يا رسول الله ؟ قال : دخلت الباب وأنت محرم فوقف ذلك الرجل فقال : إني رضيت بسنتك وهديك وقد رأيتك دخلت فدخلت فأنزل الله تعالى هذه الآية وأعلمهم أن تشديدهم في أمر الإحرام ليس ببر ولكن البر من اتقى مخالفة الله وأمرهم بترك سنة الجاهلية فقال :﴿وَأْتُواْ البيوت مِنْ أبوابها﴾ فهذا ما قيل في سبب نزول هذه الآية. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٥ صـ ١٠٧﴾
وذكر العلامة الماوردى ثلاثة أسباب أخرى هى
عنى بالبيوت النساء، سُمِّيَتْ بيوتاً للإيواء إليهن، كالإيواء إلى البيوت، ومعناه : لا تأتوا النساء من حيث لا يحل من ظهورهن، وأتوهن من حيث يحل من قُبُلهن، قاله ابن زيد.(١)

______
(١) قال ابن عطية : وهذا بعيد مغيّر نَمَط الكلام. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ١ صـ ٢٦٢﴾


الصفحة التالية
Icon