النَّاسُ : آمنَّا بربِّ الغلامِ قيلَ للمكِ : نزلَ بكَ ما كنتَ تحذرُ فأمرَ بأخاديدَ في أفواهِ السككِ وأوقدتْ فيها النيرانُ فمنْ لَمْ يرجعْ منهمْ طرحَهُ فيها حتَّى جاءت امرأةٌ معها صبيٌّ فتقاعستْ فقالَ الصبيُّ : يا أماهُ اصبري فإنَّكِ على الحق فاقتحمتْ.
وقيلَ : قال لها : قعي ولا تنافقي ما هي إلا غميضةٌ فصبرتْ. قيلَ : أُخرجَ الغلامُ منْ قبرهِ في خلافةِ عمر بْنِ الخطابِ رضيَ الله عنهُ وأصبعُهُ على صُدْغِه كَما وضعها حينَ قتلَ، وعنْ عليَ رضيَ الله عنهُ : أنَّ بعضَ ملوكِ المجوسِ وقعَ عَلىَ أختهِ وهو سكرانُ فلما صحا ندمَ وطلبَ المخرجَ فقالتْ لَهُ : المخرجُ أن تخطبَ بالنَّاسِ فتقولَ : إنَّ الله قدْ أحلَّ نكاحَ الأخواتِ ثمَّ تخطبُهم بعدَ ذلكَ أنَّ الله قد حرَمَهُ فخطبَ فلم يقبلُوا مِنْهُ، فقالتْ لَهُ : ابسطْ فيهمْ السوطَ ففعلَ فلم يقبلُوا، فقالتْ : ابسطْ فيهم السيفَ ففعلَ فلم يقبلُوا، فأمرَ بالأخاديدِ وإيقادِ النارِ وطرحَ منْ أَبَى فيها فهمْ الذينَ أرادهُم الله تعالى بقولِه :﴿ قُتِلَ أصحاب الأخدود ﴾. وقيلَ : وقعَ إلى نجرانَ رجلٌ ممنْ كانَ على دينِ عيسى عليه السلامُ فدعاهُم فأجابوُه فسارَ إليهم ذُو نواسٍ اليهوديُّ بجنودٍ من حِمْيرٍ فخيرهُمْ بينَ النارِ واليهوديةِ فأبوَا فأحرقَ منهمْ اثني عشرَ ألفاً في الأخاديدِ وقيلَ : سبعينَ ألفاً وذكرَ أنَّ طولَ الأخدودِ أربعونَ ذراعاً وعرضَهُ اثنا عشرَ ذِراعاً.
النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ (٦)
﴿ النار ﴾ بدلُ اشتمالٍ من الأخدودِ ﴿ ذَاتِ الوقود ﴾ وصفٌ لها بغايةِ العظمِ وارتفاعِ اللهبِ وكثرةِ ما يوجبُهُ منَ الحطبِ وأبدانِ الناسِ وقُرِىءَ الوقودُ بالضمِّ وقولُه تعالى :﴿ إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ﴾ ظرفٌ لقتلَ أي لعنُوا حينَ أحدقُوا بالنَّارِ قاعدينَ حولَها في مكانٍ مشرفٍ علَيها من حافاتِ الأخدودِ كما في قولِه


الصفحة التالية
Icon