فصل


قال الفخر :
﴿ إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ (١٢) ﴾
اعلم أنه تعالى لما ذكر وعيد الذين فتنوا المؤمنين والمؤمنات أولاً وذكر وعد الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثانياً أردف ذلك الوعد والوعيد بالتأكيد فقال لتأكيد الوعيد :﴿إن بطش ربك لشديد﴾ والبطش هو الأخذ بالعنف فإذا وصف بالشدة فقد تضاعف وتفاقم ونظيره ﴿إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ﴾ [ هود : ١٠٢ ] ثم إن هذا القادر لا يكون إمهاله لأجل الإهمال، لكن لأجل أنه حكيم إما بحكم المشيئة أو بحكم المصلحة، وتأخير هذا الأمر إلى يوم القيامة، فلهذا قال :﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىء وَيُعِيدُ﴾ أي إنه يخلق خلقه ثم يفنيهم ثم يعيدهم أحياء ليجازيهم في القيامة، فدل الإمهال لهذا السبب لا لأجل الإهمال، قال ابن عباس : إن أهل جهنم تأكلهم النار حتى يصيروا فحماً ثم يعيدهم خلقاً جديداً، فذاك هو المراد من قوله :﴿إِنَّهُ هُوَ يُبْدِىء وَيُعِيدُ ﴾.
ثم قال لتأكيد الوعد :﴿وَهُوَ الغفور الودود﴾ فذكر من صفات جلاله وكبريائه خمسة :


الصفحة التالية
Icon