﴿ بَلِ الذين كَفَرُواْ ﴾ أي من قومك ﴿ فِى تَكْذِيبٍ ﴾ إضراب انتقالي عن مماثلتهم لهم وبيان لكونهم أشد منهم في الكفر والطغيان كما ينبىء عنه العدول عن يكذبون إلى في تكذيب المفيد لإحاطة التكذيب بهم إحاطة الظرف بمظروفه أو البحر بالغريق فيه مع ما في تنكيره من الدلالة على تعظيمه وتهويله فكأنه قيل ليسوا مثلهم بل هم أشد منهم فإنهم غرقى مغمورون في تكذيب عظيم للقرآن الكريم فهم أولى منهم في استحقاق العذاب أو كأنه قيل ليست جنايتهم مجرد عدم التذكر والاتعاظ بما سمعوا من حديثهم بل هم مع ذلك في تكذيب عظيم للقرآن الناطق بذلك وكونه قرآناً من عند الله تعالى مع وضوح أمره وظهور حاله بالبينات الباهرة وقوله تعالى :
﴿ والله مِن وَرَائِهِمْ مُّحِيطٌ ﴾ جوز أن يكون اعتراضاً تذييلياً وأن يكون حالاً من الضمير في الجار والمجرور السابق والكلام تمثيل لعدم نجاتهم من بأس الله تعالى بعدم فوت المحاط المحيط كما قال غير واحد وكان المعنى أنه عز وجل عالم بهم وقادر عليهم وهم لا يعجزونه ولا يفوتونه سبحانه وتعالى وذكر عصام الدين أن في ذلك تعريضاً وتوبيخاً للكفار بأنهم نبذوا الله سبحانه وراء ظهورهم وأقبلوا على الهوى والشهوات بكليتهم ولعل ذلك من العدول عن بهم إلى من ورائهم وقوله تعالى :


الصفحة التالية
Icon