ولما كان ربما أوهم ترك معالجته سبحانه لهم لكونهم يعذبون من آمن به لأجل الإيمان به ما لا يليق، نفى ذلك بقوله واصفاً له بما يحقق وجوب العبادة له وتفرده بها :﴿العزيز﴾ أي الذي يغلب من أراد ولا يغلبه شيء، فلا يظن إمكانه من أهل ولايته لعجز، بل هو يبتليهم ليعظم أجورهم ويعظم عقاب أعدائهم ويعظم الانتقام منهم ﴿الحميد﴾ أي المحيط بجميع صفات الكمال، فهو يثيب من أصيب فيه أعظم ثواب، وينتقم ممن آذاه بأشد العذاب، وقرر ذلك بقوله :﴿الذي له﴾ أي خاصة ﴿ملك السماوات والأرض﴾ أي على جهة العموم مطلقاً، فكل ما فيهما جدير بأن يعبده وحده ولا يشرك به شيئاً.
ولما قدم سبحانه التحذير بالشاهد والمشهود، وأن الكافرين شهود على أنفسهم، زاد في التحذير بأنه سبحانه أعظم شهيد في ذلك اليوم وغيره فهو لا يحتاج إلى غيره، ولكنه أجرى ذلك على ما نتعارفه فقال :﴿والله﴾ أي الملك الأعظم الذي له الإحاطة الكاملة ﴿على كل شيء﴾ أي هذا الفعل وغيره ﴿شهيد﴾ أي أتم شهادة لا يغيب عنه شيء أصلاً، ولا يكون شيء ولا يبقى إلا بتدبيره، ومن هو بهذه الصفات العظيمة لا يهمل أولياءه أصلاً، بل لا بد أن ينتقم لهم من أعدائه ويعليهم بعلائه. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٨ صـ ٣٧٦ ـ ٣٧٩﴾


الصفحة التالية
Icon