هذا هو الظاهر، وقد يجوز أن يكون المشهود معناه المشهود عليه فحذفت الصلة، كما في قوله :﴿إِنَّ العهد كَانَ مَّسْئُولاً﴾ [ الإسراء : ٣٤ ] أي مسئولاً عنه، إذا عرفت هذه المقدمة فنقول : إن حملنا الشهود على الحضور احتملت الآية وجوهاً من التأويل أحدها : أن المشهود هو يوم القيامة، والشاهد هو الجمع الذي يحضرون فيه، وهو مروي عن ابن عباس والضحاك، ويدل على صحة هذا الاحتمال وجوه الأول : أنه لا حضور أعظم من ذلك الحضور، فإن الله تعالى يجمع فيه خلق الأولين والآخرين من الملائكة والأنبياء والجن والإنس، وصرف اللفظ إلى المسمى الأكمل أولى والثاني : أنه تعالى ذكر اليوم الموعود، وهو يوم القيامة، ثم ذكر عقيبة :﴿وشاهد وَمَشْهُودٍ﴾ وهذا يناسب أن يكون المراد بالشاهد من يحضر في ذلك اليوم من الخلائق، وبالمشهود ما في ذلك اليوم من العجائب الثالث : أن الله تعالى وصف يوم القيامة بكونه مشهوداً في قوله :﴿فَوْيْلٌ لّلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن مَّشْهِدِ يَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [ مريم : ٣٧ ] وقال :﴿ذلك يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ الناس وذلك يَوْمٌ مَّشْهُودٌ﴾ [ هود : ١٠٣ ] وقال :﴿يَوْمَ يَدْعُوكُمْ فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ﴾ [ الإسراء : ٥٢ ] وقال :﴿إِن كَانَتْ إِلاَّ صَيْحَةً واحدة فَإِذَا هُمْ جَمِيعٌ لَّدَيْنَا مُحْضَرُونَ﴾ [ يس : ٥٣ ] وطريق تنكيرهما إما ما ذكرناه في تفسير قوله تعالى :﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا أَحْضَرَتْ﴾ [ التكوير : ١٤ ] كأنه قيل : وما أفرطت كثرته من شاهد ومشهود، وأما الإبهام في الوصف كأنه قيل : وشاهد ومشهود لا يكتنه وصفهما، وإنما حسن القسم بيوم القيامة للتنبيه على القدرة إذ كان هو يوم الفصل والجزاء ويوم تفرد الله تعالى فيه بالملك والحكم، وهذا الوجه اختيار ابن عباس ومجاهد وعكرمة والحسن بن علي وابن المسيب والضحاك والنخعي والثوري وثانيها : أن يفسر المشهود بيوم الجمعة وهو قول ابن عمر وابن