قال أبو علي : هذا بدل الاشتمال كقولك : سلب زيد ثوبه فإن الأخدود مشتمل على النار.
المسألة الثالثة :
قرىء الوقود بالضم، أما قوله تعالى :﴿إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾ ففيه مسألتان :
المسألة الأولى :
العامل في إذ قتل والمعنى لعنوا في ذلك الوقت الذي هم فيه قعود عند الأخدود يعذبون المؤمنين.
المسألة الثانية :
في الآية إشكال وهو أن قوله :﴿هُمْ﴾ ضمير عائد إلى أصحاب الأخدود، لأن ذلك أقرب المذكورات والضمير في قوله :﴿عَلَيْهَا﴾ عائد إلى النار فهذا يقتضي أن أصحاب الأخدود كانوا قاعدين على النار، ومعلوم أنه لم يكن الأمر كذلك والجواب : من وجوه أحدها : أن الضمير في هم عائد إلى أصحاب الأخدود، لكن المراد ههنا من أصحاب الأخدود المقتولون لا القاتلون فيكون المعنى إذ المؤمنين قعود على النار يحترقون مطرحون على النار وثانيها : أن يجعل الضمير في ﴿عَلَيْهَا﴾ عائد إلى طرف النار وشفيرها والمواضع التي يمكن الجلوس فيها، ولفظ، على مشعر بذلك تقول مررت عليها تريد مستعلياً بمكان يقرب منه، فالقائلون كانوا جالسين فيها وكانوا يعرضون المؤمنين على النار، فمن كان يترك دينه تركوه ومن كان يصبر على دينه ألقوه في النار وثالثها : هب أنا سلمنا أن الضمير في هم عائد إلى أصحاب الأخدود بمعنى القاتلين، والضمير في عليها عائد إلى النار، فلم لا يجوز أن يقال : إن أولئك القاتلين كانوا قاعدين على النار، فإنا بينا أنهم لما ألقوا المؤمنين في النار ارتفعت النار إليهم فهلكوا بنفس ما فعلوه بأيديهم لأجل إهلاك غيرهم، فكانت الآية دالة على أنهم في تلك الحالة كانوا ملعونين أيضاً، ويكون المعنى أنهم خسروا الدنيا والآخرة ورابعها : أن تكون على بمعنى عند، كما قيل في قوله :
﴿وَلَهُمْ عَلَىَّ ذَنبٌ﴾ [ الشعراء : ١٤ ] أي عندي.


الصفحة التالية
Icon