قوله تعالى :﴿ قُتِلَ أَصْحَابُ الأخدود ﴾ دعاءٌ على هؤلاء الكفار بالإبعاد من رحمة الله تعالى : وقيل : معناه الإخبار عن قتل أولئك المؤمنين، أي إنهم قُتلوا بالنار فصبروا : وقيل : هو إخبار عن أولئك الظالمين، فإنه رُوِي أن الله قبض أرواح الذين ألقوا في الأخدود قبل أن يصلوا إلى النار، وخرجت نار من الأخدود فأحرقت الذين هم عليها قعود : وقيل : إن المؤمنين نَجَوا، وأحرقت النار الذين قعدوا، ذكره النحاس، ومعنى "عليها" أي عندها وعلى بمعنى عند : وقيل :"عليها" على ما يدنو منها منها من حافات الأخدود، كما قال :
وباتَ على النارِ النَّدى والمحلَّقُ...
العامل في ﴿ إِذْ ﴾، ﴿ قُتِلَ ﴾ أي لعنوا في ذلك الوقت :﴿ وَهُمْ على مَا يَفْعَلُونَ بالمؤمنين شُهُودٌ ﴾ أي حضور : يعني الكفار، كانوا يعرضون الكفر على المؤمنين، فمن أبى ألقوه في النار وفي ذلك وصفهم بالقسوة ثم بالجد في ذلك : وقيل :"على" بمعنى مع، أي وهم : مع ما يفعلون بالمؤمنين شهود.
قوله تعالى :﴿ وَمَا نَقَمُواْ مِنْهُمْ ﴾
وقرأ أبو حَيْوة "نقِموا" بالكسر، والفصيح هو الفتح، وقد مضى في "براءة" القول فيه : أي ما نَقَم الملِك وأصحابه من الذين حَرَّقهم :﴿ إِلاَّ أَن يُؤْمِنُواْ ﴾ أي إلا أن يصدّقوا :﴿ بالله العزيز ﴾ أي الغالب المنيع :﴿ الحميد ﴾ أي المحمود في كل حال.
﴿ الذي لَهُ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ لا شريك له فيهما ولا نديد ﴿ والله عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ﴾ أي عالم بأعمال خلقه لا تخفى عليه خافية. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٩ صـ ﴾