واعترض عليه بأنه يلزم تخصيص القدرة بهذا اليوم، وقيل : العامل فيه مقدّر أي : يرجعه يوم تبلى السرائر، وقيل : العامل فيه مقدّر، وهو اذكر، فيكون مفعولاً به، وأما على قول من قال : إن المراد رجع الماء، فالعامل في الظرف مقدّر، وهو اذكر، ومعنى ﴿ تبلى السرائر ﴾ : تختبر، وتعرف، ومنه قول الراجز :
قد كنت قبل اليوم تزدريني... فاليوم أبلوك وتبتليني
أي : أختبرك وتختبرني، وأمتحنك وتمتحنني، والسرائر : ما يسرّ في القلوب من العقائد والنيات، وغيرها، والمراد هنا عرض الأعمال، ونشر الصحف، فعند ذلك يتميز الحسن منها من القبيح، والغثّ من السمين ﴿ فَمَا لَهُ مِن قُوَّةٍ وَلاَ نَاصِرٍ ﴾ أي : فما للإنسان من قوّة في نفسه يمتنع بها عن عذاب الله، ولا ناصر ينصره مما نزل به، وقال عكرمة : هؤلاء الملوك ما لهم يوم القيامة من قوّة ولا ناصر.
قال سفيان : القوة العشيرة، والناصر الحليف، والأوّل أولى.
﴿ والسماء ذَاتِ الرجع ﴾ الرجع : المطر.
قال الزجاج : الرجع : المطر ؛ لأنه يجيء ويرجع ويتكرر.
قال الخليل : الرجع المطر نفسه، والرجع نبات الربيع.
قال أهل اللغة : الرجع المطر.
قال المتنخل يصف سيفاً له :
أبيض كالرجع رسوب إذا... ما باح في محتفل يختلي
قال الواحدي : الرجع المطر في قول جميع المفسرين، وفي هذا الذي حكاه عن جميع المفسرين نظر، فإن ابن زيد قال : الرجع الشمس، والقمر، والنجوم يرجعن في السماء تطلع من ناحية، وتغيب في أخرى.
وقال بعض المفسرين :﴿ ذات الرجع ﴾ : ذات الملائكة لرجوعهم إليها بأعمال العباد.
وقال بعضهم : معنى ذات الرجع : ذات النفع، ووجه تسمية المطر رجعاً ما قاله القفال إنه مأخوذ من ترجيع الصوت، وهو إعادته، وكذا المطر لكونه يعود مرّة بعد أخرى سمي رجعاً.
وقيل : إن العرب كانوا يزعمون أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض، ثم يرجعه إلى الأرض.