وقال الفراء :
سورة ( الطارق )
﴿ وَالسَّمَآءِ وَالطَّارِقِ * وَمَآ أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ * النَّجْمُ الثَّاقِبُ ﴾
قوله عز وجل: ﴿وَالسَّمَآءِ وَالطَّارِقِ...﴾.
الطارق: النجم ؛ لأنه يطلع بالليل، وما أتاك ليلا فهو طارق، ثم فسره فقال:
﴿النَّجْمُ الثَّاقِبُ...﴾ والثاقب: المضىء، والعرب تقول: أثقب نارك ـ للموقِد، ويقال: إن الثاقب: هو النجم الذى يقال له: زحل، والثاقب: الذى قد ارتفع على النجوم. والعرب تقول للطائر إذا لحق ببطن السماء ارتفاعا: قد ثقّب. كل ذلك جاء فى التفسير.
﴿ إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿لَّمَّا عَلَيْهَا...﴾.
قرأها العوام "لمّا"، وخففها بعضهم. الكسائى كان يخففها، ولا نعرف جهة التثقيل، ونرى أنها لغة فى هذيل، يجعلون إلاّ مع إنِ المخففة (لمّا). ولا يجاوزون ذلك. كأنه قالك ما كل نفس إلا عليها [/ب] حافظ.
ومن خفف قال: إنما هى لام جواب لإن، (وما) التى بعدها صلة كقوله: ﴿فَبِمَا نَقْضِهِمْ ميثاقهم﴾ يقول: فلا يكون فى (ما) وهى صلة تشديد.
وقوله عز وجل: ﴿عَلَيْهَا حَافِظٌ...﴾.
الحافظ من الله عز وجل يحفظها، حتى يُسلمها إلى المقادير.
﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿مِن مَّآءٍ دَافِقٍ...﴾.
أهل الحجاز أفعل لهذا من غيرهم، أن يجعلوا المفعول فاعلا إذا كان فى مذهب نعت، كقول العرب: هذا سرٌّ كاتم، وهمٌّ ناصبٌ، وليلٌ نائمٌ، وعيشةٌ راضيةٌ. وأعان على ذلك أنها توافق رءوس الآيات التى هنّ معهن.
﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ ﴾
وقوله عز وجل: ﴿يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَآئِبِ...﴾.
يريد: من الصلب والترائب وهو جائز أن تقول للشيئين: ليخرجن من بين هذين خير كثير ومن هذين. والصلب: صلب الرجل، والترائب: ما اكتنف لَبّاتِ المراة مما يقع عليه القلائد.
﴿ إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ ﴾


الصفحة التالية
Icon