وعطف ﴿ الأرض ﴾ في القسم لأن بذكر الأرض إتمام المناسبة بين المقسم والمقسم عليه كما علمت من المثل الذي في الحديث.
و﴿ الصدع ﴾ : الشق، وهو مصدر بمعنى المفعول، أي المصدوع عنه، وهو النبات الذي يخرج من شقوق الأرض قال تعالى :﴿ أنا صببنا الماء صباً ثم شققنا الأرض شقاً فأنبتنا فيها حباً وعنباً وقضباً وزيتوناً ونخلاً ﴾ [ عبس : ٢٥ ٢٩ ].
ولأن في هذين الحالين إيماء إلى دليل آخر من دلائل إحياء الناس للبعث فكان في هذا القسم دليلان.
والضمير الواقع اسماً ل ( إنّ ) عائد إلى القرآن وهو معلوم من المقام.
والفصل مصدر بمعنى التفرقة، والمراد أنه يفصل بين الحق والباطل، أي يبين الحق ويبطل الباطل، والإِخبار بالمصدر للمبالغة، أي إنه لقول فاصل.
وعطف ﴿ وما هو بالهزل ﴾ بعد الثناء على القرآن بأنه "قول فصل" يتعين على المفسر أن يتبين وجه هذا العطف ومناسبته، والذي أراه في ذلك أنه أعقب به الثناء على القرآن رداً على المشركين إذ كانوا يزعمون أن النبي ﷺ جاء يهزل إذ يخبر بأن الموتى سيحْيَوْن، يريدون تضليل عامتهم حين يسمعون قوارع القرآن وإرشاده وجزالة معانيه يختلقون لهم تلك المعاذير ليصرفوهم عن أن يتدبروا القرآن وهو ما حكاه الله عنهم في قوله :﴿ وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه ﴾ [ فصلت : ٢٦ ] فالهزل على هذا الوجه هو ضدّ الجدّ أعني المزح واللعب، ومثل هذه الصفة إذا وردت في الكلام البليغ لا محمل لها إلا إرادة التعريض وإلا كانت تقصيراً في المدح لا سيما إذا سبقتها محمدة من المحامد العظيمة.
ويجوز أن يطلق الهزل على الهذيان قال تعالى :﴿ وما هو بالهزل ﴾ أي بالهذيان.
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا (١٥) وَأَكِيدُ كَيْدًا (١٦)