﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ ﴾ أي من أي شيء خلقه ربُّه، ثم بيّن جل ثناؤه فقال سبحانه وتعالى :﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ ﴾ أي مدفوق مصبوب في الرحم وهو المني، فاعل بمعنى مفعول كقولهم سرُّ كاتم، وليلٌ نائم، وهمّ ناصب، وعيشةٌ راضية، قال الفراء : أعان على ذلك أنها رؤوس الآيات التي معّهن.
والدفق : الصب، تقول العرب للموج إذا علا وانحط : تدفق واندفق وأراد من مائين : ماء الرجل وماء المرأة ؛ لأن الولد مخلوق منهما، ولكنه جعله ماء واحداً لامتزاجهما.
﴿ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب ﴾ يعني صلب الرجل وترائب المرأة، واختلفوا في الترائب، فقال ابن عباس : موضع القلادة، الوالي عنه : بين ثدي المرأة، وعن العوفي عنه : يعني بالترائب اليدين والرجلين والعينين، وبه الضحاك، وعن ابن عليّة عن أبي رجاء قال : سئل عكرمة عن الترائب فقال : هذه ووضع يده على صدره بين ثدييه. سعيد بن جبير : الجيد. ابن زيد : الصدر. مجاهد : ما بين المنكبين والصدر. سفيان : فوق الثديين. يمان : أسفل من التراقي. قتادة : النحر. جعفر بن سعيد : الأضلاع التي أسفل الصلب. ليث عن معمر بن أبي حبيبة المدني قال : عصارة القلب، ومنه يكون الولد، والمشهور من كلام العرب أنهما عظام النحر والصدر، وواحدتها تربية. قال الشاعر :
| وبدت كان ترائبا نحرها | جمر الغضا في ساعة يتوقّد |
وقال آخر :| والزعفران على ترائبها | شرق به اللَّبات والصدر |
وقال المثقب العبدي :| ومن ذهب يسن على تريب | كلون العاج ليس بذي غضون |