الحق والباطل، كما قيل له فرقان وَما هُوَ بِالْهَزْلِ يعنى أنه جدّ كله لا هوادة فيه. ومن حقه - وقد وصفه اللّه بذلك - أن يكون مهيبا في الصدور، معظما في القلوب، يترفع به قارئه وسامعه وأن يلم بهزل أو يتفكه بمزاح، وأن يلقى ذهنه إلى أنّ جبار السماوات يخاطبه فيأمره وينهاه، ويعده وبوعده، حتى إن لم يستفزه الخوف ولم تتبالغ فيه الخشية، فأدنى أمره أن يكون جادّا غير هازل، فقد نعى اللّه ذلك على المشركين في قوله وَتَضْحَكُونَ وَلا تَبْكُونَ وَأَنْتُمْ سامِدُونَ، وَالْغَوْا فِيهِ.
[سورة الطارق (٨٦) : الآيات ١٥ إلى ١٧]
إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً (١٥) وَأَكِيدُ كَيْداً (١٦) فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً (١٧)
إِنَّهُمْ يعنى أهل مكة يعملون المكايد في إبطال أمر اللّه وإطفاء نور الحق، وأنا أقابلهم بكيدى : من استدراجى لهم وانتظاري بهم الميقات الذي وقته للانتصار منهم فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ يعنى لا تدع بهلاكهم ولا تستعجل به أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً أى إمهالا يسيرا، وكرّر وخالف بين اللفظين لزيادة التسكين منه والتصبير.
عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم «من قرأ سورة الطارق أعطاه اللّه بعدد كل نجم في السماء عشر حسنات» «١». أ هـ ﴿الكشاف حـ ٤ صـ ٧٣٤ ـ ٧٣٧﴾

__
(١). أخرجه الواحدي والثعلبي وابن مردويه بالسند إلى أبى بن كعب.


الصفحة التالية
Icon