وقال أبو حيان :
سورة الطارق
﴿ وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ (١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ (٢) ﴾
﴿ والسماء ﴾ : هي المعروفة، قاله الجمهور.
وقيل : السماء هنا المطر، ﴿ والطارق ﴾ : هو الآتي ليلاً، أي يظهر بالليل.
وقيل : لأنه يطرق الجني، أي يصكه، من طرقت الباب إذا ضربته ليفتح لك.
أتى بالطارق مقسماً به، وهي صفة مشتركة بين النجم الثاقب وغيره.
ثم فسره بقوله :﴿ النجم الثاقب ﴾، إظهاراً لفخامة ما أقسم به لما علم فيه من عجيب القدرة ولطيف الحكمة، وتنبيهاً على ذلك.
كما قال تعالى :﴿ فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم ﴾ وقال ابن عطية : معنى الآية : والسماء وجميع ما يطرق فيه من الأمور والمخلوقات.
ثم ذكر بعد ذلك، على جهة التنبيه، أجل الطارقات قدراً وهو النجم الثاقب، وكأنه قال : وما أدراك ما الطارق حتى الطارق، انتهى.
فعلى هذا يكون ﴿ النجم الثاقب ﴾ بعضاً مما دل عليه ﴿ والطارق ﴾، إذ هو اسم جنس يراد به جميع الطوارق.
وعلى قول غيره : يراد به واحد مفسر بالنجم الثاقب.
والنجم الثاقب عند ابن عباس : الجدي، وعند ابن زيد : زحل.
وقال هو أيضاً وغيره : الثريا، وهو الذي تطلق عليه العرب اسم النجم.
وقال علي : نجم في السماء السابعة لا يسكنها غيره من النجوم، فإذا أخذت النجوم أمكنتها من السماء هبط فكان معها، ثم رجع إلى مكانه من السماء السابعة، فهو طارق حين ينزل، وطارق حين يصعد.
وقال الحسن : هو اسم جنس لأنها كلها ثواقب، أي ظاهرة الضوء.
وقيل : المراد جنس النجوم التي يرمى بها ويرجم.
والثاقب، قيل : المضيء ؛ يقال : ثقب يثقب ثقوباً وثقابة : أضاء، أي يثقب الظلام بضوئه.
وقيل : المرتفع العالي، ولذلك قيل هو زحل لأنه أرقها مكاناً.
وقال الفراء : ثقب الطائر ارتفع وعلا.


الصفحة التالية
Icon