وقرأ الجمهور : إن خفيفة، كل رفعاً لما خفيفة، فهي عند البصريين مخففة من الثقيلة، كل مبتدأ واللام هي الداخلة للفرق بين إن النافية وإن المخففة، وما زائدة، وحافظ خبر المبتدأ، وعليها متعلق به.
وعند الكوفيين : إن نافية، واللام بمعنى إلا، وما زائدة، وكل حافظ مبتدأ وخبر ؛ والترجيح بين المذهبين مذكور في علم النحو.
وقرأ الحسن والأعرج وقتادة وعاصم وابن عامر وحمزة وأبو عمرو ونافع بخلاف عنهما : لما مشددة وهي بمعنى إلا، لغة مشهورة في هذيل وغيرهم.
تقول العرب : أقسمت عليك لما فعلت كذا : أي إلا فعلت، قاله الأخفش.
فعلى هذه القراءة يتعين أن تكون نافية، أي ما كل نفس إلا عليها حافظ.
وحكى هارون أنه قرىء : إن بالتشديد، كل بالنصب، فاللام هي الداخلة في خبر إن، وما زائدة، وحافظ خبر إن، وجواب القسم هو ما دخلت عليه إن، سواء كانت المخففة أو المشددة أو النافية، لأن كلاًّ منها يتلقى به القسم ؛ فتلقيه بالمشددة مشهور، وبالمخففة
﴿ تالله إن كدت لتردين ﴾ وبالنافية ﴿ ولئن زالتا إن أمسكهما ﴾ وقيل : جواب القسم ﴿ إنه على رجعه لقادر ﴾، وما بينهما اعتراض، والظاهر عموم كل نفس.
وقال ابن سيرين وقتادة وغيرهما :﴿ إن كل نفس ﴾ مكلفة، ﴿ عليها حافظ ﴾ : يحصي أعمالها ويعدها للجزاء عليها، فيكون في الآية وعيد وزاجر وما بعد ذلك يدل عليه.
وقيل : حفظة من الله يذبون عنها، ولو وكل المرء إلى نفسه لاختطفته الغير والشياطين.
وقال الكلبي والفراء : حافظ من الله يحفظها حتى يسلمها إلى المقادير.
وقيل : الحافظ : العقل يرشده إلى مصالحه ويكفه عن مضاره.
وقيل : حافظ مهيمن ورقيب عليه، وهو الله تعالى.
ولما ذكر أن كل نفس عليها حافظ، أتبع ذلك بوصية الإنسان بالنظر في أول نشأته الأولى حتى يعلم أن من أنشأه قادر على إعادته وجزائه، فيعمل لذلك ولا يملي على حافظه إلا ما يسره في عاقبته.


الصفحة التالية
Icon