و ﴿ مم خلق ﴾ : استفهام، ومن متعلقة بخلق، والجملة في موضع نصب ب فلينظر، وهي معلقة.
وجواب الاستفهام ما بعده وهو :﴿ خلق من ماء دافق ﴾، وهو مني الرجل والمرأة لما امتزجا في الرحم واتحدا عبر عنهما بماء، وهو مفرد، ودافق قيل : هو بمعنى مدفوق، وهي قراءة زيد بن عليّ.
وعند الخليل وسيبويه : هو على النسب، كلابن وتامر، أي ذي دفق.
وعن ابن عباس : بمعنى دافق لزج، وكأنه أطلق عليه وصفه لا أنه موضوع في اللغة لذلك، والدفق : الصب، فعله متعد.
وقال ابن عطية : والدفق : دفع الماء بعضه ببعض، تدفق الوادي والسيل إذا جاء يركب بعضه بعضاً.
ويصح أن يكون الماء دافقاً، لأن بعضه يدفع بعضاً، فمنه دافق ومنه مدفوق، انتهى.
وركب قوله هذا على تدفق، وتدفق لازم دفقته فتدفق، نحو : كسرته فتكسر، ودفق ليس في اللغة معناه ما فسر من قوله : والدفق دفع الماء بعضه ببعض، بل المحفوظ أنه الصب.
وقرأ الجمهور :﴿ يخرج ﴾ مبنياً للفاعل، ﴿ من بين الصلب ﴾ : بضم الصاد وسكون اللام ؛ وابن أبي عبلة وابن مقسم : مبنياً للمفعول، وهما وأهل مكة وعيسى : بضم الصاد واللام ؛ واليماني : بفتحهما.
قال العجاج :
في صلب مثل العنان المؤدم...
وتقدمت اللغات في الصلب في سورة النساء، وإعرابها صالب كما قال العباس :
تنقل من صالب إلى رحم...
قال قتادة والحسن : معناه من بين صلب كل واحد من الرجل والمرأة وترائبه.
وقال سفيان وقتادة أيضاً : من بين صلب الرجل وترائب المرأة، وتقدم شرح الترائب في المفردات.
وقال ابن عباس : موضع القلادة ؛ وعن ابن جبير : هي أضلاع الرجل التي أسفل الصلب.
وقيل : ما بين المنكبين والصدر.
وقيل : هي التراقي ؛ وعن معمر : هي عصارة القلب ومنه يكون الولد.
ونقل مكي عن ابن عباس أن الترائب أطراف المرء، رجلاه ويداه وعيناه.
قال ابن عطية : وفي هذه الأحوال تحكم على اللغة، انتهى.
﴿ إنه ﴾ : الضمير يعود على الخالق الدال عليه خلق.