﴿ على رجعه ﴾، قال ابن عباس وقتادة : الضمير في رجعه عائد على الإنسان، أي على رده حياً بعد موته، أي من أنشأه أولاً قادر على بعثه يوم القيامة لا يعجزه شيء.
وقال الضحاك : على رده من الكبر إلى الشباب.
وقال عكرمة ومجاهد : الضمير عائد على الماء، أي على رد الماء في الإحليل أو في الصلب.
وعلى هذا القول وقول الضحاك يكون العامل في ﴿ يوم تبلى ﴾ مضمر تقديره اذكر.
وعلى قول ابن عباس، وهو الأظهر، فقال بعض النحاة : العامل ناصر من قوله :﴿ ولا ناصر ﴾، وهذا فاسد لأن ما بعد الفاء لا يعمل فيما قبلها، وكذلك ما النافية لا يعمل ما بعدها فيما قبلها على المشهور المنصور.
وقال آخرون، ومنهم الزمخشري : العامل رجعه ورد بأن فيه فصلاً بين الموصول ومتعلقه، وهو من تمام الصلة، ولا يجوز.
وقال الحذاق من النحاة : العامل فيه مضمر يدل عليه المصدر تقديره : يرجعه يوم تبلى السرائر.
قال ابن عطية : وكل هذه الفرق فرت من أن يكون العامل لقادر، لأنه يظهر من ذلك تخصيص القدرة في ذلك اليوم وحده.
وإذا تؤمل المعنى وما يقتضيه فصيح كلام العرب جاز أن يكون المعنى لقادر، وذلك أنه قال :﴿ إنه على رجعه لقادر ﴾ على الإطلاق أولاً وآخراً وفي كل وقت.
ثم ذكر تعالى وخصص من الأوقات الوقت الأهم على الكفار، لأنه وقت الجزاء والوصول إلى العذاب ليجتمع الناس إلى حذره والخوف منه، انتهى.
﴿ تبلى ﴾ قيل : تختبر، وقيل : تعرف وتتصفح وتميز صالحها من فاسدها، و﴿ السرائر ﴾ : ما أكنته القلوب من العقائد والنيات، وما أخفته الجوارح من الأعمال، والظاهر عموم السرائر.
وفي الحديث : إنها التوحيد والصلاة والزكاة والغسل من الجنابة، وكان المذكور في الحديث هو أعظم السرائر، وسمع الحسن من ينشد :
سيبقى لها في مضمر القلب والحشا...
سريرة ودّ يوم تبلى السرائر
فقال : ما أغفله عما في السماء والطارق، والبيت للأحوص.


الصفحة التالية
Icon