ولما كان الامتناع في الدنيا إما بقوة في الإنسان، وإما بناصر خارج عن نفسه، نفى عنه تعالى ما يمتنع به وأتى بمن الدالة على العموم في نفي القوة والناصر.
﴿ والسماء ﴾ : أقسم ثانياً بالسماء وهي المظلة.
قيل : ويحتمل أن يكون السحاب.
﴿ ذات الرجع ﴾، قال ابن عباس : الرجع : السحاب فيه المطر.
وقال الحسن : ترجع بالرزق كل عام.
وقال ابن زيد : الرجع مصدر رجوع الشمس والقمر والكواكب من حال إلى حال ومن منزلة إلى منزلة، تذهب وترجع، وقيل : الرجع : المطر، ومنه قول الهذلي :
أبيض كالرجع رسوب إذا...
ما ناح في محتفل يختلي
يصف سيفاً شبهه بماء المطر في بياضه وصفائه، وسمي رجعاً كما سمي إرباً، قال الشاعر :
ربا شمالاً يأوي لقلتها...
إلا السحاب وإلا الإرب والسبل
تسمية بمصدر آب ورجع.
تزعم العرب أن السحاب يحمل الماء من بحار الأرض ثم يرجعه إلى الأرض إذا أرادوا التفاؤل، وسموه رجعاً وإرباً ليرجع ويؤب.
وقيل : لأن الله تعالى يرجعه وقتاً فوقتاً، قالت الخنساء :
كالرجع في الموجنة السارية...
وقيل : الرجع : الملائكة، سموا بذلك لرجوعهم بأعمال العباد.
وقيل : السحاب، والمشهور عند أهل اللغة وقول الجمهور : أن الرجع هو المطر، والصدع : ما تتصدع عنه الأرض من النبات، ويناسب قول من قال : الرجع : المطر.
وقال ابن زيد : ذات الانشقاق : النبات.
وقال أيضاً : ذات الحرث.
وقال مجاهد : الصدع : ما في الأرض من شقاق ولصاب وخندق وتشقق بحرث وغيره، وهي أمور فيها معتبر، وعنه أيضاً : ذات الطرق تصدعها المشاة.
وقيل : ذات الأموات لانصداعها عنهم يوم النشور.
والضمير في ﴿ إنه ﴾، قالوا عائد على القرآن.
﴿ فصل ﴾ أي فاصل بين الحق والباطل، كما قيل له فرقان.


الصفحة التالية
Icon