وقال القفال : أراد إن هذا الذي أخبرتكم به من قدرتي على الرجع كقدرتي على الإبداء قول حق. ثم أكد حقيته بقوله ﴿ وما هو بالهزل ﴾ لأن اليبان الفصل لا يذكر إلا على سبيل الجد والاهتمام بشأنه وأعلاها أن يكون خاشعاً باكياً كقوله ﴿ إذا تتلى عليهم آيات الرحمن خروا سجداً وبكياً ﴾ [ مريم : ٥٨ ] ثم سلى نبيه وحثه على الصبر الجميل فقال ﴿ إنهم ﴾ يعنى أشراف مكة ﴿ يكيدون كيداً ﴾ في إطفاء نور الحق وذلك بإلقاء الشبهات والطعن في النبوّة والتشاور في قتل النبي ﷺ كقوله ﴿ وإذ يمكر بك الذين كفروا ﴾ [ الأنفال : ٣٠ ] ﴿ وأكيد كيداً ﴾ سمي جزاء الكيد بالاستدراج والإمهال المؤدي إلى زيادة الإثم الموجبة لشدّة العذاب كيداً. ثم أنتج من ذلك قوله ﴿ فمهل الكافرين ﴾ أي لا تدع بهلاكهم ولا تستعجل به. ثم كرر ذلك المعنى للمبالغة ووصف الإمهال بقوله ﴿ رويداً ﴾ أي سهلاً يسيراً. والتركيب يدل على الرفق والتأني ومنه قولهم في باب أسماء الأفعال " رويد زيداً " أي أروده إرواداً وأرفق به فكأنه سبحانه قال : مهل مهل مهل ثلاث مرات بثلاث عبارات وهذه نهاية الإعجاز. وأجل الإمهال يوم بدر أو يوم القيامة وهذا أولى ليعم التحذير عن مثل سيرتهم ويتم الترغيب في خلاف طريقهم والله المستعان على ما تصفون. أ هـ ﴿غرائب القرآن حـ ٦ صـ ٤٧٩ ـ ٤٨١﴾