أو دافق على النسب، أي : ذي دفق أو اندفاق. وقال ابن عطية : يصح أن يكون الماء دافقاً ؛ لأنّ بعضه يدفق بعضاً أي : يدفعه فمنه دافق ومنه مدفوق، والدفق الصب أي : مصبوب في الرحم، ولم يقل تعالى من ماءين فإنه من ماء الرجل وماء المرأة، لأنّ الولد مخلوق منهما لامتزاجهما في الرحم فصارا كالماء الواحد، واتحادهما حين ابتدئ في خلقه.
﴿يخرج من بين الصلب﴾ أي : للرجل وهو عظام الظهر ﴿والترائب﴾ أي : للمرأة جمع تريبة وهي عظام الصدر حيث تكون القلادة، وعن عكرمة : الترائب ما بين ثدييها، وقيل : الترائب التراقي، وقيل : أضلاع الرجل التي أسفل الصدر. وحكى الزجاج : أن الترائب أربعة أضلاع من يمنة الصدر وأربعة أضلاع من يسرة الصدر. وقال ابن عادل جاء في الحديث :"أنّ الولد يخلق من ماء الرجل يخرج من صلبه العظم والعصب، ومن ماء المرأة يخرج من ترائبها اللحم والدم. وحكى القرطبي : إنّ ماء الرجل ينزل من الدماغ ثم يجتمع في الانثيين، وهذا لا يعارضه قوله تعالى :﴿من بين الصلب والترائب﴾ لأنه ينزل من الدماغ ثم يجتمع في الانثين قال المهدودي : ومن جعل يخرج من بين صلب الرجل وترائب المرأة لضمير للإنسان.
والضمير في قوله تعالى:
﴿إنه﴾ للخالق المدلول عليه بخلق لأنه معلوم أن لا خالق سواه سبحانه وتعالى وفي الضمير في قوله تعالى :﴿على رجعه﴾ وجهان أحدهما : أنه ضمير الإنسان أي : بعثه بعد موته ﴿لقادر﴾ وهذا قول ابن عباس رضي الله عنهما، والثاني : أنه ضمير الماء، أي : رجع المنيّ في الإحليل أو الصلب وهذا قول مجاهد. وعن الضحاك أنّ المعنى : إنه على ردَّ الإنسان في الكبر إلى الشباب ومن الشباب إلى الكبر. وقال ابن زيد : إنه على حبس ذلك الماء حتى لا يخرج ؛ لقادر. وقال الماوردي : يحتمل أنه قادر على أن يعيده إلى الدنيا بعد بعثه إلى الآخرة ؛ لأنّ الكفار يسئلون فيها الرجعة.