(إنه على رجعه لقادر. يوم تبلى السرائر. فما له من قوة ولا ناصر)..
إنه - الله الذي أنشأه ورعاه - إنه لقادر على رجعه إلى الحياة بعد الموت، وإلى التجدد بعد البلى، تشهد النشأة الأولى بقدرته، كما تشهد بتقديره وتدبيره. فهذه النشأة البالغة الدقة والحكمة تذهب كلها عبثا إذا لم تكن هناك رجعة لتختبر السرائر وتجزى جزاءها العادل:(يوم تبلى السرائر).. السرائر المكنونة، المطوية على الأسرار المحجوبة.. يوم تبلى وتختبر، وتتكشف وتظهر كما ينفذ الطارق من خلال الظلام الساتر ; وكما ينفذ الحافظ إلى النفس الملفعة بالسواتر ! كذلك تبلى السرائر يوم يتجرد الإنسان من كل قوة ومن كل ناصر:(فما له من قوة ولا ناصر).. ما له من قوة في ذاته، وما له من ناصر خارج ذاته.. والتكشف من كل ستر، مع التجرد من كل قوة، يضاعف شدة الموقف ; ويلمس الحس لمسة عميقة التأثير. وهو ينتقل من الكون والنفس، إلى نشأة الإنسان ورحلته العجيبة، إلى نهاية المطاف هناك، حيث يتكشف ستره ويكشف سره، ويتجرد من القوة والنصير..
الدرس الرابع: ١١ - ١٤ القسم بالأرض والسماء على جدية حقيقة البعث
ولعل طائفا من شك، أو بقية من ريب، تكون باقية في النفس، في أن هذا لا بد كائن.. فمن ثم يجزم جزما بأن هذا القول هو القول الفصل، ويربط بين هذا القول وبين مشاهد الكون، كما صنع في مطلع السورة:
(والسماء ذات الرجع، والأرض ذات الصدع، إنه لقول فصل، وما هو بالهزل)..


الصفحة التالية
Icon