وقال الشيخ الشنقيطى :
سُورَةُ الطَّارِقِ
إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ (٤)
قيل : حافظ لأعماله يحصيها عليه، كما في قوله :﴿ مَّا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ﴾ [ ق : ١٨ ].
وقيل : حافظ، أي حارس، كقوله تعالى :﴿ لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِّن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ الله ﴾ [ الرعد : ١١ ]، والسياق يشهد للمعنيين معاً، لأن قوله تعالى بعده ﴿ فَلْيَنظُرِ الإنسان مِمَّ خُلِقَ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب ﴾ [ الطارق : ٥-٧ ] يدل على أنه في تلك المراحل في حفظ، فهو أولاً في قرار مكين.
وفي الحديث :" أن الله وكل بالرحم ملكاً " الحديث.
وبعد بلوغه سن التكليف يجري عليه القلم فيحفظ عليه عمله فلا مانه من ارادة المعنيين معاً، وليس هذا من حمل المشترك على معنييه، لأن كلاً من المعنيين له متعلق، يختص بزمن خلاف الآخر.
فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ (٥)
الإنسان هنا خاص ببني آدم وذريته عامة، ولم يدخل فيه آدم ولا حواء ولا عيسى عليه السلام لآنه بين ما خلق منه، وهو في قوله تعالى :﴿ خُلِقَ مِن مَّآءٍ دَافِقٍ يَخْرُجُ مِن بَيْنِ الصلب والترآئب ﴾ الطارق [ ٦-٨ ].
وتقدم للشيخ رحمه الله تعالى علينا وعليه بيان هذه الآية عند قوله تعالى :﴿ خَلَقَ الإنسان مِن نُّطْفَةٍ ﴾ [ النحل : ٤ ]، وفي سورة الواقعة عند قوله تعالى :﴿ أَفَرَأَيْتُمْ مَّا تُمْنُونَ أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَم نَحْنُ الخالقون ﴾ [ الواقعة : ٥٨-٥٩ ]، وتقدمت الإشارة إليه عند قوله تعالى :﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الإنسان مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ﴾ [ الإنسان : ٢ ]، في سورة الدهر.
إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ (٨)


الصفحة التالية
Icon