خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ (٦)
قوله :﴿ دَافِقٍ ﴾ : قيل : فاعِل بمعنى مَفْعول كعكسِه في قولهم :" سيلٌ مُفْعَم "، وقولِه تعالى :﴿ حِجَاباً مَّسْتُوراً ﴾ [ الإِسراء : ٤٥ ] على وجهٍ. وقيل : دافق على النسبِ، أي : ذي دَفْقٍ أو انْدِفاق. وقال ابن عطية :" يَصِحُّ أَنْ يَكونَ الماءُ دافقاً ؛ لأنَّ بعضَه يَدْفُقُ بعضاً، أي : يدفعه فمنه دافِق، ومنه مَدْفوق " انتهى. والدَّفْقُ : الصَّبُّ/ ففِعْلُه متعدٍّ. وقرأ زيدُ ابنُ علي " مَدْفُوقٍ " وكأنه فَسَّر المعنى.
يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ (٧)
قوله :﴿ والترآئب ﴾ : جمع تَريبة. وهي مَوْضِعُ القِلادةِ من عظامِ الصدرِ ؛ لأنَّ الولدَ مخلوقٌ مِنْ مائهما، فماءُ الرجل في صُلْبه، والمرأةُ في ترائبِها، وهو معنى قولِه :﴿ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ ﴾ بالإِنسان : ٢ ]. وقال الشاعر :

٤٥٤٠ مُهَفْهَفَةٌ بيضاءُ غيرُ مُفاضَةٍ تَرائِبُها مَصْقُولةٌ كالسَّجَنْجَلِ
وقال :
٤٥٤١ والزَّعْفَرانُ على ترائبِها شَرِقَتْ به اللَّبَّاتُ والنَّحْرُ
وقال أبو عبيدة :" جمع التَّريبة تريب ". قال :
٤٥٤٢ ومِنْ ذَهَبٍ يَذُوْبُ على تَرِيْبٍ كلَوْنِ العاجِ ليس بذي غُضونِ
وقيل : الترائبُ : التَّراقي. وقيل : أضلاعُ الرجلِ التي أسفلَ الصُّلْب. وقيل : ما بين المَنْكِبَيْن والصَّدْرِ. وعن ابن عباس : هي أطرافُ المَرْءِ يداه وِرجْلاه وعيناه. وقيل : عُصارةُ القلبِ. قال ابن عطية :" وفي هذه الأقوالِ تَحَكُّمٌّ في اللغة ".
وقرأ العامَّةُ " يَخْرُج " مبنياً للفاعل. وابنُ أبي عبلة وابن مقسم مبنياً للمفعول. وقرأ أيضاً وأهلُ مكة " الصُّلُب " بضم الصاد واللام، واليمانيُّ بفتحهما، وعليه قولُ العَجَّاج :
٤٥٤٣ في صَلَبٍ مِثْلِ العِنانِ المُؤْدَمِ... وتَقَدَّمَتْ لغاتُه في سورة النساء. وأَغْرَبُها " صالِب " كقوله :


الصفحة التالية
Icon