أقسم بأعجب ما فيها وهو جنس النجوم ثم بأعربه وهو المعد للحراسة تنبيهاً على ما في ذلك من غرائب القدرة فقال :﴿والطارق﴾ أي جنس الكواكب الذي يبدو ليلاً ويخفى نهاراً، ويطرق مسترقي السمع فيبدد شملهم ويهلك من أراد الله منهم لأجل هداية الناس بالقرآن في الطرق المعنوية وظهوره وإشراقه في السماء لهدايتهم في الطرق الحسية وهو في الأصل لسالك الطريق، واختص عرفاً بالآتي ليلاً لأنه يجد الأبواب مغلقة فيحتاج إلى طرقها، ثم استعمل للبادي فيه كالنجم.
ولما كان الطارق يطلق على غير النجم أبهمه أولاً ثم عظم المقسم به بقوله :﴿وما أدراك﴾ أي عرفك يا أشرف خلقنا عليه الصلاة والسلام وإن حاولت معرفة ذلك وبالغت في الفحص عنه ﴿ما الطارق﴾ ثم زاده تهويلاً بتفسيره بعد إبهامه مرة أخرى بقوله تعالى :﴿النجم الثاقب﴾ أي المتوهج العالي المضيء كأنه يثقب الظلام بنوره فينفذ فيه، يقال : أثقب نارك للموقد، أو يثقب بضوئه الأفلاك فتشف عنه، أو يثقب الشيطان بناره إذا استرق السمع، والمراد الجنس أو معهود بالثقب وهو زحل، عبر عنه أولاً بوصف عام ثم فسره بما يخصه تفخيماً لشأنه لعلو مكانه.