اختلفوا في قوله :﴿النجم الثاقب﴾ قال بعضهم : أشير به إلى جماعة النحو فقيل الطارق، كما قيل :﴿إِنَّ الإنسان لَفِي خُسْرٍ﴾ [ العصر : ٢ ] وقال آخرون : إنه نجم بعينه، ثم قال ابن زيد : إنه الثريا، وقال الفراء : إنه زحل، لأنه يثقب بنوره سمك سبع سموات، وقال آخرون : إنه الشهب التي يرجم بها الشياطين، لقوله تعالى :﴿فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ﴾ [ الصافات : ١٠ ].
المسألة الرابعة :
روي أن أبا طالب أتى النبي ﷺ، فأتحفه بخبز ولبن، فبينما هو جالس يأكل إذ انحط نجم فامتلأ ماء ثم ناراً، ففزع أبو طالب، وقال : أي شيء هذا ؟ فقال : هذا نجم رمي به، وهو آية من آيات الله، فعجب أبو طالب، ونزلت السورة.
واعلم أنه تعالى لما ذكر المقسم به أتبعه بذكر المقسم عليه :﴿إِن كُلُّ نَفْسٍ لَّمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
في قوله :﴿لَّمّاً﴾ قراءتان إحداهما : قراءة ابن كثير وأبي عمرو ونافع والكسائي، وهي بتخفيف الميم والثانية : قراءة عاصم وحمزة والنخعي بتشديد الميم.
قال أبو علي الفاسي : من خفف كانت ﴿إن﴾ عنده المخففة من الثقيلة، واللام في ﴿لَّمّاً﴾ هي التي تدخل مع هذه المخففة لتخلصها من إن النافية، وما صلة كالتي في قوله :﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مّنَ الله﴾ [ آل عمران : ١٥٩ ] ﴿وعما قليل﴾ [ المؤمنون : ٤٠ ] وتكون ﴿إن﴾ متلقية للقسم، كما تتلقاه مثقلة.
وأما من ثقل فتكون ﴿إن﴾ عنده النافية، كالتي في قوله :﴿فيما إِن مكناكم﴾ [ الأحقاف : ٢٦ ] و ﴿لَّمّاً﴾ في معنى ألا، قال : وتستعمل ﴿لَّمّاً﴾ بمعنى ألا في موضعين أحدهما : هذا والآخر : في باب القسم، تقول : سألتك بالله لما فعلت، بمعنى ألا فعلت.
وروى عن الأخفش والكسائي وأبي عبيدة أنهم قالوا : لم توجد لما بمعنى ألا في كلام العرب.


الصفحة التالية
Icon