وقال آخرون : إنه مخلوق من الماء الذي يخرج من صلب الرجل وترائبه، واحتج صاحب القول الثاني على مذهبه بوجهين الأول : أن ماء الرجل خارج من الصلب فقط، وماء المرأة خارج من الترائب فقط، وعلى هذا التقدير لا يحصل هناك ماء خارج من بين الصلب والترائب، وذلك على خلاف الآية الثاني : أنه تعالى بين أن الإنسان مخلوق ﴿مِن مَّاء دَافِقٍ﴾ والذي يوصف بذلك هو ماء الرجل، ثم عطف عليه بأن وصفه بأنه يخرج، يعني هذا الدافق من بين الصلب والترائب، وذلك يدل على أن الولد مخلوق من ماء الرجل فقط أجاب : القائلون بالقول الأول عن الحجة الأولى : أنه يجوز أن يقال للشيئين المتباينين : أنه يخرج من بين هذين خير كثير، ولأن الرجل والمرأة عند اجتماعهما يصيران كالشيء الواحد، فحسن هذا اللفظ هناك، وأجابوا عن الحجة الثانية : بأن هذا من باب إطلاق اسم البعض على الكل، فلما كان أحد قسمي المني دافقاً أطلق هذا الاسم على المجموع، ثم قالوا : والذي يدل على أن الولد مخلوق من مجموع الماءين أن مني الرجل وحده صغير فلا يكفي، ولأنه روي أنه عليه السلام قال :" إذا غلب ماء الرجل يكون الولد ذكراً ويعود شبه إليه وإلى أقاربه، وإذا غلب ماء المرأة فإليها وإلى أقاربها يعود الشبه "
وذلك يقتضي صحة القول الأول.