وقال الشيخ سيد قطب :
تعريف بسورة الأعلى
في رواية للإمام أحمد عن الإمام علي - كرم الله وجهه - أن رسول الله ( ﷺ ) كان يحب هذه السورة:(سبح اسم ربك الأعلى).. وفي صحيح مسلم أنه كان يقرأ في العيدين ويوم الجمعة بسبح اسم ربك الأعلى، و(هل أتاك حديث الغاشية). وربما اجتمعا في يوم واحد فقرأهما..
وحق لرسول الله ( ﷺ ) أن يحب هذه السورة وهي تحيل له الكون كله معبدا تتجاوب أرجاؤه بتسبيح ربه الأعلى وتمجيده، ومعرضا يحفل بموحيات التسبيح والتحميد:(سبح اسم ربك الأعلى. الذي خلق فسوى. والذي قدر فهدى. والذي أخرج المرعى. فجعله غثاء أحوى).. وإيقاع السورة الرخي المديد يلقي ظلال التسبيح ذي الصدى البعيد..
وحق له ( ﷺ ) أن يحبها، وهي تحمل له من البشريات أمرا عظيما. وربه يقول له، وهو يكلفه التبليغ والتذكير:(سنقرئك فلا تنسى - إلا ما شاء الله إنه يعلم الجهر وما يخفى - ونيسرك لليسرى. فذكر إن نفعت الذكرى).. وفيها يتكفل له ربه بحفظ قلبه لهذا القرآن، ورفع هذه الكلفة عن عاتقه. ويعده أن ييسره لليسرى في كل أموره وأمور هذه الدعوة. وهو أمر عظيم جدا.
وحق له ( ﷺ ) أن يحبها، وهي تتضمن الثابت من قواعد التصور الإيماني: من توحيدالرب الخالق وإثبات الوحي الإلهي، وتقرير الجزاء في الآخرة. وهي مقومات العقيدة الأولى. ثم تصل هذه العقيدة بأصولها البعيدة، وجذورها الضاربة في شعاب الزمان:(إن هذا لفي الصحف الأولى. صحف إبراهيم وموسى).. فوق ما تصوره من طبيعة هذه العقيدة، وطبيعة الرسول الذي يبلغها والأمة التي تحملها.. طبيعة اليسر والسماحة..
وكل واحدة من هذه تحتها موحيات شتى ; ووراءها مجالات بعيدة المدى.. أ هـ ﴿الظلال حـ ٦ صـ ٣٨٨٢ ـ ٣٨٨٣﴾


الصفحة التالية
Icon