إنما قال :﴿وَنُيَسّرُكَ لليسرى﴾ بنون التعظيم لتكون عظمة المعطى دالة على عظمة العطاء، نظيره قوله تعالى :﴿إِنَّا أنزلناه﴾ [ يوسف : ٢ ] ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذكر﴾ [ الحجر : ٩ ] ﴿إنا أعطيناك الكوثر﴾ [ الكوثر : ١ ] دلت هذه الآية على أنه سبحانه فتح عليه من أبواب التيسير والتسهيل ما لم يفتحه على أحد غيره، وكيف لا وقد كان صبياً لا أب له ولا أم له نشأ في قوم جهال، ثم إنه تعالى جعله في أفعاله وأقواله قدوة للعالمين، وهدياً للخلق أجمعين.
فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى (٩)
فاعلم أنه تعالى لما تكمل بتيسير جميع مصالح الدنيا والآخرة أمر بدعوة الخلق إلى الحق، لأن كمال حال الإنسان في أن يتخلق بأخلاق الله سبحانه تاماً وفوق التمام، فلما صار محمد عليه الصلاة والسلام تاماً بمقتضى قوله :﴿وَنُيَسّرُكَ لليسرى﴾ [ الأعلى : ٨ ] أمر بأن يجعل نفسه فوق التمام بمقتضى قوله :﴿فَذَكّرْ﴾ لأن التذكير يقتضي تكميل الناقصين وهداية الجاهلين، ومن كان كذلك كان فياضاً للكمال، فكان تاماً وفوق التمام، وههنا سؤالات :


الصفحة التالية