وقال الآلوسى :
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ﴾
شروع في رواية حديث أهل الجنة وتقديم حكاية أهل النار لأنه أدخل في تويل الغاشية وتفخيم حديثها ولأن حكاية حال أهل الجنة بعد حكاية سوء أهل النار مما يزيد المحي حسناً وبهجة والكلام في إعرابه نظير ما تقدم وإنما لم تعطف هذه الجملة على تلك الجملة إيذاناً بكمال تباين مضونيهما والناعمة إما من النعومة وكنى بها عن البهجة وحسن المنظر أي وجوه يومئذ ذات بهج وحسن كقوله تعالى :﴿ تَعْرِفُ فِى لَكَفَّرْنَا عَنْهُمْ سيئاتهم ولادخلناهم جنات النعيم ﴾ [ المطففين : ٢٤ ] أي وجوه يومئذ متنعمة.
﴿ لِّسَعْيِهَا ﴾ أي لعملها الذي عملته في دار الدنيا وهو متعلق بقوله تعالى :﴿ رَّاضِيَةٍ ﴾ والتقديم للاعتناء مع رعاية الفاصلة واللام ليست للتعليل بل مثلها في رضيت بكذا فكأنه قيل ﴿ رَّاضِيَةٍ ﴾ بسعيها وذكر بعض المحققين أنها مقوية لتعدي الوصف بنفسه ولذا قال سفيان في ذلك كما أخرجه عنه ابن أبي حاتم رضيت عملها ورضاها به كناية أو مجاز عن أنه محمود العاقبة مجازي عليه أعظم الجزاء وأحسنه وقيل في الكلام مضاف مقدر أي لثواب سعيها راضية وجوز كون اللام للتعليل أي لأجل سعيها في طاعة الله تعالى راضية حيث أوتيت ما أوتيت من الخير وليس بذاك.
﴿ فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ مرتفعة المحل أو علية القدر فالعلو إما حسي أو معنوي وجمع أبو حيان بينهما.


الصفحة التالية
Icon