التي حكى أنها تنخفض حتى يتمكن المنتفع بها من ظهورها ثم ترتفع به بالسماء في علوها مع ما يعهدون من بروك الإبل للحمل والركوب ثم ارتفاعها لتمام الانتفاع، وقرب نصب الأكواب بسنامها والنمارق ببقيتها حال بروكها، ثم فصل ما دلت عليه الإبل من الأكواب بالجبال التي لا ترتقى مثل جبل السد، والنمارق بالتي ترتقى، وبسط الزرابي بمهد الأرض، قال أبو حيان رحمه الله تعالى : و ﴿كيف﴾ سؤال عن حال والعامل فيه ﴿خلقت﴾ وإذا علق الفعل عما فيه الاستفهام لم يبق الاستفهام على حقيقته.
ولما ذكر سبحانه وتعالى هذا المخلوق المفرد الذي هو أدل ما يكون على هذا القول بالطبيعة، أتبعه ذكر السماء ليتذكر السامع ذلك فيباعد من يقول به فقال :﴿وإلى السماء﴾ أي التي هي من جملة مخلوقاتنا ﴿كيف رفعت﴾ أي حصل بأيسر أمر رفعها من الذي خلقها بلا عمد على ما لها من السعة والكبر والثقل والإحكام وما فيها من جبال الكواكب والغرائب والعجائب، فذلك دال على القدرة التامة التي لا يشارك تعالى فيها أحد قل ولا جل على إيجاد الجنة العالية وعلى رفع السرر فيها لأنه دل على الفعل بالاختيار ونفي حكم الطبيعة حكماً وحتماً، وذلك دال على كمال قدرته تعالى على كل شيء.


الصفحة التالية
Icon