قوله عزّ وجلّ :﴿ أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت ﴾ قال أهل التفسير لما نعت الله عزّ وجلّ ما في هذه السورة مما في الجنة عجب من ذلك أهل الكفر وكذبوه، فذكرهم الله صنعه، فقال : أفلا ينظرون إلى الإبل كيف خلقت وإنما بدأ بالإبل لأنها من أنفس أموال العرب، ولهم فيها منافع كثيرة والمعنى إن الذي صنع لهم هذا في الدنيا هو الذي صنع لأهل الجنة ما صنع ؛ وتكلمت علماء التفسير في وجه تخصيص الإبل بالذكر من بين سائر الحيوانات، فقال : مقاتل لأن العرب لم يروا بهيمة قط أعظم منها، ولم يشاهد الفيل إلا النادر منهم، وقال الكلبي لأنها تنهض بحملها وقد كانت باركة، وقال قتادة : لما ذكر الله تعالى ارتفاع سرر الجنة وفرشها قالوا كيف نصعدها فأنزل الله تعالى هذه الآية.
﴿ وإلى السماء كيف رفعت ﴾ يعني فوق الأرض بغير عمد، ولا ينالها شيء.
﴿ وإلى الجبال كيف نصبت ﴾ أي على الأرض نصباً ثابتاً راسخاً لا يزول.
﴿ وإلى الأرض كيف سطحت ﴾ أي بسطت، ومهدت بحيث يستقر على ظهرها كل شيء.
قال ابن عباس : المعنى هل يقدر أحد أن يخلق مثل الإبل، أو يرفع مثل السماء أو ينصب مثل الجبال، أو يسطح مثل الأرض غير الله القادر على كل شيء.
ولما ذكر الله تعالى دلائل التوحيد ولم يعتبروا ولم يتفكروا فيها خاطب نبيه ( ﷺ ) فقال تعالى ﴿ فذكر إنما أنت مذكر ﴾ أي فعظ إنما أنت واعظ ﴿ لست عليهم بمسيطر ﴾ أي بمسلط فتكرههم على الإيمان، وهذه الآية منسوخة نسختها آية القتال.
﴿ إلا من تولى وكفر ﴾ استثناء منقطع عما قبله معناه لكن من تولى وكفر بعد التذكير ﴿ فيعذبه الله العذاب الأكبر ﴾ وهو أن يدخله النار، وإنما قال : الأكبر لأنهم عذبوا في الدنيا بأنواع من العذاب مثل الجوع، والقحط والقتل، والأسر، فكانت النار أكبر من هذا كله.
﴿ إن إلينا إيابهم ﴾ أي رجوعهم بعد الموت.
﴿ ثم إن علينا حسابهم ﴾ يعني جزاءهم بعد الرجوع إلينا، والله أعلم. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٧ صـ ٢٣٧ ـ ٢٤٠﴾