وقال الماوردي : وفي الإبل وجهان : أظهرهما : أنها الإبل، والثاني : أنها السحاب فإن كان المراد بها السحاب فلما فيها من الآيات والدلالات الدالة على قدرته والمنافع العامّة لجميع خلقه، وإن كان المراد بها الإبل فلأنّ الإبل أجمع للمنافع من سائر الحيوانات لأنّ ضروب الحيوان أربعة حلوبة وركوبة وأكولة وحمولة والإبل تجمع هذه الخلال الأربع، فكانت النعمة بها أعم وظهور القدرة فيها أتم وقيل للحسن : الفيل أعظم من الأعجوبة فقال العرب : بعيدة العهد بالفيل ثم هو لا يؤكل لحمه ولا يركب ولا يحلب درّه.
﴿وإلى السماء﴾ التي هي من جملة مخلوقاتنا ﴿كيف رفعت﴾، أي : رفعاً بعيداً بلا إمساك وبغير عمد على ما لها من السعة والكبر والثقل والإحكام، وما فيها من الكواكب والغرائب والعجائب.
﴿وإلى الجبال﴾، أي : الشامخة وهي أشد الأرض ﴿كيف نصبت﴾ نصباً ثابتاً فهي راسية لا تميل ولا تزول كما قال تعالى :﴿وجعلنا في الأرض رواسي أن تميد بهم﴾ (الأنبياء :)
﴿وإلى الأرض﴾، أي : على سعتها ﴿كيف سطحت﴾ سطحاً بتمهيد وتوطئة فهي مهاد للتقلب عليها. واستدلّ بعضهم بذلك على أنّ الأرض ليست بكرة. قال الرزاي : وهو ضعيف لأنّ الكرة إذا كانت في غاية العظمة تكون كل قطعة منها كالسطح. فإن قيل : كيف حسن ذكر الإبل مع السماء والجبال والأرض ولا مناسبة ؟
أجيب : بأنّ من فسرها بالسحاب فالمناسبة ظاهرة، وذلك على طريق التشبيه والمجاز، ومن فسرها بالإبل فالمناسبة بينها وبين السماء والأرض والجبال من وجهين: