وقال الشيخ سيد قطب :
سورة الغاشية
الدرس الأول: ١ - ١٦ بعض مشاهد يوم القيامة الوجوه الخاشعة المعذبة والناعمة المنعمة
(هل أتاك حديث الغاشية ؟).. ثم يعرض شيئا من حديث الغاشية:
(وجوه يومئذ خاشعة. عاملة ناصبة. تصلى نارا حامية. تسقى من عين آنية. ليس لهم طعام إلا من ضريع. لا يسمن ولا يغني من جوع)..
إنه يعجل بمشهد العذاب قبل مشهد النعيم ; فهو أقرب إلى جو(الغاشية)وظلها.. فهناك: يومئذ وجوه خاشعة ذليلة متعبة مرهقة ; عملت ونصبت فلم تحمد العمل ولم ترض العاقبة، ولم تجد إلا الوبال والخسارة، فزادت مضضا وإرهاقا وتعبا، فهي:(عاملة ناصبة).. عملت لغير الله، ونصبت في غير سبيله. عملت لنفسها وأولادها. وتعبت لدنياها ولأطماعها. ثم وجدت عاقبة العمل والكد. وجدته في الدنيا شقوة لغير زاد. ووجدته في الآخرة سوادا يؤدي إلى العذاب. وهي تواجه النهاية مواجهة الذليل المرهق المتعوس الخائب الرجاء !
ومع هذا الذل والرهق العذاب والألم:(تصلى نارا حامية)وتذوقها وتعانيها.
(تسقى من عين آنية).. حارة بالغة الحرارة.. (ليس لها طعام إلا من ضريع لا يسمن ولا يغني من جوع).. والضريع قيل: شجر من نار في جهنم. استنادا إلى ما ورد عن شجرة الزقوم التي تنبت في أصل الجحيم. وقيل: نوع من الشوك اللاطئ بالأرض، ترعاه الإبل وهو أخضر، ويسمى "الشبرق" فإذا جني صار اسمه "الضريع" ولم تستطع الإبل مذاقه فهو عندئذ سام ! فهذا أو ذاك هو لون من ألوان الطعام يومئذ مع الغسلين والغساق وباقي هذه الألوان التي لا تسمن ولا تغني من جوع !