ومنهم من قال : عمل ونصب والتذ، فيما لا يرضى الله، فعامله الله بنقيض قصده في الآخرة، ولكن هذا الوجه ضعفه ظاهر، لأن من هذه حالهم لا يعدون في عمل ونصب بل في متعة ولذة.
والذين قالوا : سيقع منهم بالفعل يوم القيامة، اتفقوا على أنه عمل ونصب في النار من جر السلاسل، عياذا بالله. وصعودهم وهبوطهم الوهاد والوديان، أي كما في قوله :﴿ سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً ﴾ [ المدثر : ١٧ ]، وقوله :﴿ وَمَن يُعْرِضْ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَاباً صَعَداً ﴾ [ الجن : ١٧ ].
وقد ذكر الفخر الرازي تقسيماً ثلاثياً، فقال : إما أن يكون ذلك كله في الدنيا أو كله في الآخرة، أو بعضه في الدنيا وبعضه في الآخرة، ولم يرجح قسماً منها إلا وجه القول بأنها في الدنيا وهي في القسيسين، ونحوهم. فقال : لما نصبوا في عبادة إله وصفوه بما ليس متصفاً به، وإنما تخيلوه تخيلاً أي بقولهم ﴿ ثَالِثُ ثَلاَثَةٍ ﴾ [ المائدة : ٧٣ ] وقولهم :﴿ عُزَيْرٌ ابن الله ﴾ [ التوبة : ٣٠ ]، فكانت عبادتهم لتلك الذات المتخيلة لا لحقيقة الإله سبحانه.
ولا يبعد أن يقال على هذا الوجه : إن من كان ممن لا ينطق بالشهادتين ويعمل على جهالة فيما لا يعذر بجهله أن يخشى عليه من هذه الآية، كما يخشى على من بعمل على علم، ولكن في بدعة وضلالة.
ومما لا يشهد للأول حديث المسيء صلاته. ولأثر حذيفة " رأى رجلاً يصلي فطفق فقال له : منذ كم تصلي هذه الصلاة؟ قال منذ أربعين سنة. قال له : ما صليت منذ أربعين سنة ولو مت على ذلك، مت على غير فطرة محمد ﷺ ".
والأحاديث الواردة في ذلك على سبيل العمومات مثل قوله ﷺ :" من عمل عملاً ليس عليه أمري فهو رد " أي مردود.
وحديث الحوض " فيذاد أقوام عن حوضي، فأقول : أمتي، أمتي، فيقال : إنك لا تدري ماذا أحدثوا بعدك إنهم غيَّروا وبدَّلوا ".


الصفحة التالية
Icon