وقد يشهد له أن هؤلاء قد يكون منهم العوام المغرورون بغيرهم، ويندمون غاية الندم يوم القيامة على اتباعهم إياهم، كما في قوله تعالى :﴿ وَقَال الَّذِينَ كَفَرُواْ رَبَّنَآ أَرِنَا اللذين أَضَلاَّنَا مِنَ الجن والإنس نَجْعَلْهُمَا تَحْتَ أَقْدَامِنَا لِيَكُونَا مِنَ الأسفلين ﴾ [ فصلت : ٢٩ ].
السادس : وهو مهم أيضاً، أنه لو جعل لهم في الدنيا لكان خاصاً ببعض الكفار دون بعض، وكان مختصاً بالعباد منهم، مع أن غير العباد منهم يكونون أسوأ عملاً ويستوجبون أشد عقوبة.
السابع : أن هذا الخطاب لو جعل لهم في الدنيا لكان مثله ينفر من أصل العبادة والتنسك ابتداء، أي وقد جاءت السنة بترك أصحاب الصوامع والمتنسكين دون التعرض لهم بقتل ولا قتال، كما أنها أقرت أصحاب الديانات على دياناتهم، مما يشعر باحترامه أصل التعبد لعموم الجنس، كما أشار رحمة الله تعالى عليه.
وقد أوردنا مجمل كلامه رحمه الله، لئلا تتخذ الآية على غير ما هو الراجح فيها، أو يحمل السياق على غير ما سيق له، وقد ختم كلامه بتوجيه لطيف بقوله : ثم إذا قيد ذلك بعبادة الكفار والمبتدعة، وليس في الخطاب تقييد، كان هذا سعياً في إصلاح الخطاب بما لم يذكر فيه ١ه.
ومن الذي يعطي نفسه حق إصلاح الخطاب في كلام رب العالمين، إنها لفتة إلى ضرورة ومدى أهمية تفسير القرآن بالقرآن، الذي نهجه الشيخ رحمة الله تعالى علينا وعليه في أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن.