وقال الآلوسى :
﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية ﴾
قيل هل بمعنى قد وقد ظاهر كلام قطرب حيث قال أي قد جاءك يا محمد حديث الغاشية والمختار أنه للاستفهام وهو استفهام أريد به التعجيب مما في حيزه والتشويق إلى استماع والاشعار بأنه من الأحاديث البديعة التي حقها أن تتناقلها الرواة ويتنافس في تلقنها الوعاة وأخرج ابن أبي حاتم عن عمرو بن ميمون قال مر النبي ﷺ على امرأة تقرأ ﴿ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الغاشية ﴾ فقام عليه الصلاة والسلام يستمع ويقول نعم قد جاءني والغاشية القيامة كما قال سفيان والجمهور وأطلق عليها ذلك لأنها تغنشى الناس بشدائدها وتكتنفهم بأهوالها وقال محمد بن كعب وابن جبير هي النار من قوله تعالى :﴿ وتغشى وُجُوهَهُمْ النار ﴾ وقوله سبحانه :﴿ وَمِن فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ ﴾ [ إبراهيم : ٥٠ ] [ الأعراف : ٤١ ] وليس بذاك فان ما سيرى من حديثها ليس مختصاً بالنار وأهلها بل ناطق بأحوال أهل الجنة أيضاً.
﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ﴾ المرفوع مبتدأ وجاز الابتداء به وإن كان نكرة لوقوعه في موضع التنويع وقيل لأن تقدير الكلام أصحاب وجوه والخبر ما بعد والظرف متعلق به والتنوين عوض عن جملة اشعرت بها الغاشية أي يوم إذ غشيت والجملة إلى قوله تعالى :﴿ مَبْثُوثَةٌ ﴾ استئناف وقع جواباً عن سؤال نشأ من الاستفهام التشويقي كأنه قيل من جهته عليه الصلاة والسلام ما أتاني حديثها ما هو فقيل ﴿ وُجُوهِ ﴾ الخ قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما لم يكن أتاه ﷺ حديثها فأخبره سبحانه عنها فقال جل وعلا وجوه يومئذ :﴿ خاشعة ﴾ والمراد بخاشعة ذليلة ولم توصف بالذل ابتداء لما في وصفها بالخشوع من الإشارة إلى التهكم وإنها لم تخشع في وقت ينفع فيه الخشوع وكذا حال وصفها بالعمل في قوله سبحانه :


الصفحة التالية
Icon