لأهل اللغة في قوله :﴿لاغية﴾ ثلاثة أوجه أحدها : أنه يقال : لغا يلغو لغواً ولاغية، فاللاغية واللغو شيء واحد، ويتأكد هذا الوجه بقوله سبحانه :﴿لاَّ يَسْمَعُونَ فِيهَا لَغْواً﴾ [ مريم : ٦٢ ]، وثانيها : أن يكون صفة والمعنى لا يسمع كلمة لاغية وثالثها : قال الأخفش : لاغية أي كلمة ذات لغو كما تقول : فارس ودارس لصاحب الفرس والدرع، وأما أهل التفسير فلهم وجوه أحدها : أن الجنة منزهة عن اللغو لأنها منزل جيران الله تعالى وإنما نالوها بالجد والحق لا باللغو والباطل، وهكذا كل مجلس في الدنيا شريف مكرم فإنه يكون مبرأ عن اللغو وكل ما كان أبلغ في هذا كان أكثر جلالة، هذا ما قرره القفال والثاني : قال الزجاج لا يتكلم أهل الجنة إلا بالحكمة والثناء على الله تعالى على ما رزقهم من النعيم الدائم والثالث : عن ابن عباس يريد لا تسمع فيها كذباً ولا بهتاناً ولا كفراً بالله ولا شتماً والرابع : قال مقاتل : لا يسمع بعضهم من بعض الحلف عند شراب كما يحلف أهل الدنيا إذا شربوا الخمر وأحسن الوجوه ما قرره القفال الخامس : قال القاضي : اللغو ما لا فائدة فيه، فالله تعالى نفى عنهم ذلك ويندرج فيه ما يؤذي سامعه على طريق الأولى.
الصفة الثالثة للجنة : قوله تعالى :
فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (١٢)
قال صاحب الكشاف : يريد عيوناً في غاية الكثرة كقوله :﴿عَلِمَتْ نَفْسٌ﴾ [ التكوير : ١٤ ] قال القفال : فيها عين شراب جارية على وجه الأرض في غير أخدود وتجري لهم كما أرادوا، قال الكلبي : لا أدري بماء أو غيره.
الصفة الرابعة : قوله تعالى :
فِيهَا سُرُرٌ مَرْفُوعَةٌ (١٣)


الصفحة التالية
Icon