الضريعِ فإذا أكلُوه يسلطُ عليهم العطشَ فيضطرهُم إلى شرب الحميمِ فيشوِي وجوهَهُم ويقطعُ أمعاءَهُم. وتنكيرُ الجوعَ للتحقيرِ أيْ لا يُغني من جوعٍ ما، وتأخيرُ نَفي الإغناءِ منْهُ لمراعاةِ الفواصلِ والتوسلِ به إلى التصريحِ بنفي كلا الأمرينِ إذ لو قُدمَ لما احتيجَ إلى ذكر نفي الإسمانِ ضرورة استلزامِ نفي الإغناءِ عن الجوعِ إيَّاه بخلاف العكسِ ولذلك كررَ لاَ لتأكيدِ النَّفي. وقولُه تعالى :﴿ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ﴾ شروعٌ في روايةِ حديثِ أهلِ الجنةِ، وتقديمُ حكايةِ حالِ أهلِ النارِ لأنَّه أدخلُ في تهويلِ الغاشيةِ وتفخيمِ حديثِها، ولأنَّ حكايةَ حسنِ حالِ أهلِ الجنةِ بعدَ حكايةِ سُوءِ حالِ أهلِ النارِ مما يزيدُ المحكيَّ حُسناً وبهجةً والكلامُ في إعرابِ الجملةِ كالذي مرَّ في نظيرتِها، وإنما لم تُعطفْ عليها إيذاناً بكمالِ تباينِ مضمونَيهِما. ومعنى ناعمةٌ ذاتُ بهجةٍ وحسنٍ، كقولِه تعالى :﴿ تَعْرِفُ فِى وُجُوهِهِمْ نَضْرَةَ النعيم ﴾ أو متنعمةٌ.
﴿ لِّسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ ﴾ أي لعملها الذي عملتْهُ في الدُّنيا حيثُ شاهدتْ ثمرتَهُ ﴿ فِى جَنَّةٍ عَالِيَةٍ ﴾ مرتفعةِ المحلِّ أو عليةِ المقدارِ.