وفي بعض مشاهدها شد وقصف. سواء مناظرها أو موسيقاها كهذا المشهد العنيف المخيف :" كلا. إذا دكت الأرض دكا دكا. وجاء ربك والملك صفا صفا. وجيء يومئذ بجهنم. يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى. يقول : يا ليتني قدمت لحياتي. فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد "..
وفي بعض مشاهدها نداوة ورقة ورضى يفيض وطمأنينة. تتناسق فيها المناظر والأنغام، كهذا الختام :" يا أيتها النفس المطمئنة، ارجعي إلى ربك راضية مرضية. فادخلي في عبادي وادخلي جنتي "..
وفيها إشارات سريعة لمصارع الغابرين المتجبرين، وإيقاعها بين بين. بين إيقاع القصص الرخي وإيقاع المصرع القوي :" ألم تر كيف فعل ربك بعاد. إرم ذات العماد. التي لم يخلق مثلها في البلاد. وثمود الذين جابوا الصخر بالواد. وفرعون ذي الأوتاد الذين طغوا في البلاد فأكثروا فيها الفساد. فصب عليهم ربك سوط عذاب. إن ربك لبالمرصاد ".
وفيها بيان لتصورات الإنسان غير الإيمانية وقيمه غير الإيمانية. وهي ذات لون خاص في السورة تعبيرا وإيقاعا :" فأما الإنسان إذا ما ابتلاه ربه فأكرمه ونعمه فيقول : ربي أكرمن. وأما إذا ما ابتلاه فقدر عليه رزقه فيقول : ربي أهانن "...
ثم الرد على هذه التصورات ببيان حقيقة حالهم التي تنبع منها هذه التصورات. وهي تشمل لونين من ألوان العبارة والتنغيم :" كلا. بل لا تكرمون اليتيم. ولا تحاضون على طعام المسكين. وتأكلون التراث أكلا لما، وتحبون المال حبا جما "..
ويلاحظ أن هذا اللون الأخير هو قنطرة بين تقرير حالهم وما ينتظرهم في مآلهم. فقد جاء بعده :" كلا إذا دكت الأرض دكا دكا ".. الخ.. فهو وسط في شدة التنغيم بين التقرير الأول والتهديد الأخير !