وعند ما تم بناؤها سار إليها بأهل مملكته وكانت على مسيرة يوم وليلة فبعث اللّه عليهم صيحة من السماء فهلكوا جميعا، روى وهب بن منبه عن عبد اللّه ابن قلابة أنه خرج في طلب إبل له شردت فبينما هو يسير في مجارى عدن إذ وقع على مدينة في تلك الفلوات عليها حصن، وحول الحصن قصور كثيرة، فلما دنا منها ظن أن فيها أحدا ليسأله عن إبله، فلم ير داخلا فيها ولا خارجا منها، فنزل عن دابته وعقلها وسل سيفه خوفا من أن يصادفه فيها أحد فيقاتله، ودخل من باب المدينة فإذا هو ببابين خطيرين مرصعين بالياقوت الأحمر، فدهش وفتح الباب ودخل فإذا هو بمدينة لم ير أحد مثلها وإذا فيها قصور في كل قصر منها غرف فوقها غرف مبنية بالذهب والفضة، ومرصعة بأحجار اللؤلؤ والياقوت، وإذا أبواب تلك القصور مثل مصاريع باب المدينة يقابل بعضها بعضا، وكلها مفروشة باللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران، فلما عاين ذلك ولم ير أحدا هاله ما رأى ثم نظر إلى الأزقة فاذا فيها أشجار مثمرة وتحت الأشجار انهار مطرّدة يجري ماؤها في قنوات من فضة، فقال في نفسه هذه الجنة وحمل معه من لؤلؤها وترابها وبنادق مسكها وزعفرانها ورجع إلى اليمن وأظهر ما كان معه، وحدث بما رأى، فبلغ ت (١٠)
ذلك معاوية فأرسل اليه فقدم، فسأله عن ذلك فقص عليه ما رأى فبعث إلى كعب الأحبار فسأله فقال هي إرم ذات العماد وسيدخلها رجل من المسلمين في زمانك أحمر أسقر على حاجبه خال وعلى عقبه خال، يخرج في طلب أبل له، ثم التفت فأبصر من قلابة على الوصف الذي ذكره كعب، وهذه كالسد إذ رآه جماعة زمن الواثق باللّه.
راجع تفسير الآية ٩٢ من الكهف في ج ٢.
هذا وكلما جاء لفظ كعب بلا نسبة فالمراد به هذا، واني لم أنقل عنه ما يتعلق بأمر الدين البته خشية التهمة لأنه متوغل بالكتب القديمة وهو تابعي والتابعيون غيره كثير أكتفى بالنقل عنهم عند الحاجة.